[حديث: الحدائق السبع وبكاء النبي ÷ من ضغائن القوم التي يبدونها من بعده]
  فلقيهم عاصم بن عدي وعويم بن ساعدة فقالا لهم: ارجعوا فإنه لن يكون إلا ما تحبون فقالوا: لا نفعل فجاءوا وهم مجتمعون.
  قال عمر بن الخطاب: أتيناهم وقد كنت رويت كلاماً أريد أن أقوم به فيهم، فلما اندفعت إليهم ذهبت لأبتدي المنطق فقال أبو بكر: رويداً حتى أتكلم، ثم انطق بعد بما أحببت فنطق؛ فقال عمر: فما شيء كنت أريد أن أقوله إلا وقد أتى عليه.
  قال عبدالله بن عبدالرحمن فبدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه؛ ثم قال: إن الله بعث محمداً ÷ رسولاً إلى خلقه، وشهيداً على أمته، ليعبدوا الله ويوحدوه، وهم يعبدون من دونه آلهة شتى، يزعمون أنها لهم عنده شافعة ولهم نافعة، وإنما هي من حجر منحوت، وخشب منجور؛ ثم قرأ: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[يونس: ١٨]، وقالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣].
  فعظمت العرب أن يتركوا دين آبائهم، فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه، والإيمان به، والمواساة له، على شدة أذى قومهم لهم، وتكذيبهم إياهم، وكل الناس لهم مخالف، وعليهم زار؛ فلم يستوحشوا لقلة عددهم ولسب الناس لهم، وإجماع قومهم عليهم، فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن به وبالرسول، وهم أولياؤه وعشيرته، وأحق الناس بهذا الأمر من بعده، لا ينازعهم في ذلك إلا ظالم.
  وأنتم يا معشر الأنصار من لا يُنْكَر فضلهم في الدين، ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام، رضيكم الله أنصاراً لدينه ولرسوله، وجعل إليكم هجرته، وفيكم حل أزواجه وأصحابه، فليس أحد من المهاجرين الأولين عندنا مثلكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا تفاوتون بمشورة، ولا يقضى دونكم أمر.
  قال: فقام الحباب بن المنذر أو قال المنذر بن الحباب بن الجموح؛ فقال: يا معشر الأنصار املكوا عليكم أيديكم، فإن الناس في فيكم وفي ظلكم، ولن