كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حديث: الحدائق السبع وبكاء النبي ÷ من ضغائن القوم التي يبدونها من بعده]

صفحة 458 - الجزء 4

  يجتري مجتر على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أولو العزة والثروة، وأولو العدد والنخوة، وذوو البأس والنجدة، وإنما ينتظر الناس لما تصنعون، فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم وتنتقض أموركم، إن أبى هؤلاء إلا ما قد سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير.

  فقال عمر: هيهات لا يجتمعان اثنان في قرن، إنه والله لن ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها ÷ من غيركم، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمورها من كانت النبوة فيهم وولي أمورهم منهم، ولنا بذلك على من أبى ذلك من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المنير، من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته، ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مُدْلٍ بباطل، أو متجانفٍ لإثم، أو متورط في هلكة؟

  فقام المنذر بن الحباب أو الحباب بن المنذر –الروايات مختلفة في هؤلاء الرجال أيهم قام - فقال: يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإذا أبوا عليكم فأجلوهم عن هذه البلاد، وتولوا عليهم هذه الأمور، فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم، فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من لم يكن ليدين، أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة.

  فقال له عمر: إذاً يقتلك الله. قال: بل إياك يقتل.

  فقال أبو عبيدة: يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من غير وبدل.

  فقام بشير بن سعد أبو النعمان بن بشير، فقال: يا معشر الأنصار إنا والله لئن كنا أولي فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في هذا الدين، ما أردنا به إلا رضاء ربنا وطاعة نبينا محمد ÷، والكدح لأنفسنا، فما ينبغي لنا أن نستطيل بذلك على الناس، ولا نبتغي به عرضاً من الدنيا فإن الله ولي المنة علينا بذلك، ألا إن محمداً ÷ من قريش، وقومه أحق به وأولى، وايم الله، لا يراني الله أنازعهم