كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استدلال الفقيه على إمامة أبي بكر - والرد عليه]

صفحة 483 - الجزء 4

  والأمر الثاني: أنه عرف ÷ خللاً في صلاة عمر على وجه يتعدى إلى المؤتمين فأمر بإعادتها، ولا مانع من ذلك؛ هذا على وجه التسليم للخبر وتسليم هذه الزيادة التي أوقعت الفقيه في لبسته، وعلى أن التقدم في الصلاة لو كان دليلاً للإمامة لكان قوله #: هذا أبو بكر إمامكم أجلى وأظهر.

  فإن قلت: إنه لا يمتنع أن تكون المصلحة في ورود النص من هذا الوجه الخفي. قيل لك: إنما تعتبر المصالح والألطاف عند من نفى عن الله ø وعن رسوله ÷ التلبيس والتعمية ويقول: لا بد من البيان من وجه جلي أو خفي، كما لا بد من التمكين، وما يعلم أنه يكون أقرب إلى القيام بما كلفه.

  فأما على مذهب المجبرة القدرية فإذا كان كل قبيح وزور، وتلبيس وتعمية وغرور، فهو تعالى خالقه والمتفرد به لا خالق له غيره، ولا محدث له سواه، وأنه يجوز أن يكلف وإن لم يمكِّن، ويخاطب وإن لم يبيِّن، وأن اللطف - على قود مذهبهم الفاسد - لا يحسن بل يكون عبثاً؛ لأنه تعالى إن خلق الفعل فلا حاجة إلى اللطف في حصوله، وإن لم يفعله فلو شحن العالم بالألطاف لم يحصل، وكذلك الكلام في العصمة من وقوع القبائح.

  وإنما يصح ما ذكرت من اشتراط المصلحة في الخطاب، ووروده على وجه يعلم المراد منه من وجه جلي أو خفي على مذهب الذين ينفون عنه سبحانه خلق التلبيس والغرور والتدليس، وتكليف ما لا يطاق، والمنع من المصالح والألطاف، وإزاحة العلل المانعة من أداء ما كلف، وهذا أمر لا يجد له الفقيه الجبري القدري جواباً إلا بالخروج عما هو عليه من الأمور التي ذكرناها، وقد مر الكلام منها في مواضع، فما جعل جوابه إلا سباً وأذية دون أن يتخلص عما لزمه.

  فأما عند الكلام في مسألة أفعال العباد فجرى منه من التخليط ما لم يكن في الحسبان، والتنقل في اعتقاده فيها إلى سبعة أقوال مختلفة بل فيها المتناقض، وما ظهرت منه الاستقامة على واحد منها فتقع المكالمة له عنده إن كان خلافياً.