[بطلان دعوى الإجماع لإمامة أبي بكر]
  أن كل واحد من الصحابة بايع أبا بكر بأن مد يده مختاراً، وهذه منه مباهتة بالكذب ولم يقل بها قبله أحد في هذه المسألة جملة.
  ثم قال: وأما قوله [أي: القرشي]: يجب عليك أن تبين أن الإجماع قد حصل، وأن الرضا به وبإمامته من الناس قد وجد، فإنا لا نسلم شيئاً من ذلك، أما على الجملة فلا خلاف بين الأمة أن أمير المؤمنين # امتنع عن البيعة، وذكر أنه أولى بهذا الأمر، وأن العباس قال لأمير المؤمنين # بعد وقوع العقد لأبي بكر: امدد يدك أبايعك فيقول الناس: عم رسول الله بايع ابن أخيه فلا يختلف عليك اثنان.
  ولا خلاف أيضاً أن الزبير امتنع عن البيعة، ولا خلاف أن خالد بن سعيد أظهر الخلاف، وأظهر سلمان النكير، وسعد بن عبادة وعشيرته وبنوه قعدوا عنه وأظهروا الخلاف، ورأى أمير المؤمنين الكف عن الأمر خشية من انتثار كلمة الإسلام، وقلة الأنصار والأعوان. قال: وخصومنا أيضاً لا ينكرون ما قلنا.
  فأقول [أي: الفقيه]: العجب كل العجب لهذا الرجل ولمكان المارستان(١) له أولى من دخول هذا الميدان، قد علم أن أكثر الأمة خالفته فيما قال، وادعوا أن جميع الصحابة بايعوا أبا بكر وعلياً والعباس والزبير وطلحة وسواهم ثم يقول: لا خلاف أن علياً امتنع عن البيعة وفلاناً وفلاناً، فيا قوم فهل هذا كلام امرئ يدري ما يقول.
  وكيف يستدل على نفس المسألة بها، وكيف يسوغ له أن يقول هذا مع علمه أن خصمه يخالفه، وأنه يدعي مثل ما يدعي، ويقول: لا خلاف في أن علياً بايع أبا بكر والعباس وفلاناً وفلاناً، وأن قول خصمه أولى لوجود الإحتجاج الصحيح، ولادعاء أكثر الأمة ذلك، وأنه ما خالف في ذلك إلا خارج عن الدين، معدود في جملة المبتدعين الضالين؛ ثم لم يقنع بهذا حتى تقحم وقال:
(١) المارستان بفتح الراء: دار المرضى، مُعَرَّب. انتهى من القاموس.