كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بطلان دعوى الإجماع لإمامة أبي بكر]

صفحة 491 - الجزء 4

  وخصومنا لا ينكرون ما قلنا وكيف لا ينكرون وهذا موضع الإنكار.

  والجواب [المنصور بالله]: أن تهويله هذا وتوبيخه وتكذيبه يعود عليه وباله، ويلزمه عاره وخباله؛ إذ أنكر واضحاً لا يجهله ولا يكابر فيه إلا هو وأمثاله ممن لم يسمع تفاصيل الأخبار، ولا اطلع على السير والآثار، ولو خالط أهل العلم أو أطل على ما صحت روايته في هذا الباب لعرف من هو أحرى بالصواب.

  بل نقول: الكل ممن خالف في هذه المسألة من المعتزلة ومن طابقهم من نقلة الأخبار لا يخالفوننا فيما روينا من امتناع من ذكرنا من البيعة حال العقد لأبي بكر، وإنما يدعون بعد ذلك وقوع البيعة من أكثر هؤلاء الذين ذكرنا امتناعهم عن البيعة أولاً وإنكارهم لها، وأن بعضهم هلك باقياً على خلافه لهم كسعد بن عبادة وغيره.

  وقد ذكر قاضي القضاة عبدالجبار بن أحمد الهمداني وكان من كبار المعتزلة في كتاب شرح المقالات قال: قد دلّ شيوخنا على إمامة أبي بكر بوجهين؛ أحدهما: أن الصحابة أجمعت على الرضى بإمامته في آخر الأمر وإن حصل في أوله التأخر من بعضهم.

  وذلك اعتراف منه بوقوع الخلاف في الأول وادعاء زواله في الآخر، فصار مدعياً فيلزمه بيان ذلك ونطالبه برضى واحد واحد؛ فنقول له: صحح رضى علي # ورضى سعد والزبير وفلان وفلان؛ فلا يحصل من ذلك إلا مجرد الدعوى.

  ولو حصل علم فقيه الخارقة هذا لعلماء المعتزلة وغيرهم من فرق الأمة القائلين بإمامة أبي بكر وعمر لاستراحوا من اللجاج؛ لأن الإجماع إذا حصل على إمامة أبي بكر ففيم يقع النزاع والإجماع آكد الدلالة.

  فلو أعارهم الفقيه وجهه وعقله حتى لا يستحي أحد منهم ولا يحاذر سقوط الجاه عند أهل المعرفة تخلص بدعوى حصول الإجماع، وأنه لم يقع ثم نزاع.

  وقال هذا القاضي في كتابه المحيط: إن مشائخنا ذكروا أن رضى جميعهم ظهر على مر الأيام بإمامته، وإنما ينكرون ذلك لأن في الابتداء لم يظهر كظهوره فيما بعد.