[بيان سكوت أمير المؤمنين الإمام علي، وشبهه بهارون (ع)]
  فكان الجواب له ما قدمنا من أنه قد اعترف بوقوع النزاع وظهور الإمتناع من البيعة اختياراً فيلزمه بيان أن ذلك وقع فيما بعد، وأن وقوعه على وجه الاختيار، وقد قدمنا ما جرى من الأمور التي دعت إليه البيعة اضطراراً.
  وكلما ذكرنا وما ذكره هذا القاضي المعتزلي بمعزل مما ادعاه هذا الفقيه الجاهل فقيه الخارقة بتلك الأحوال جملتها وتفصيلها؛ ثم مع جهله هوّل وطوّل، وشَغَّب، إرجافاً منه ونومسة على أمثاله من الحشوية الذين اعتمدوا على ما يفترون من الأخبار دون ما يصح أو يمكن حمله على الصحة، عملاً منه بما لا يليق بالدين، وسلوكاً غير طريق العلماء من المسلمين؛ وحد الراوي أن يذكر ما وقع عنده بعد صحة طريقه.
  فأما التجاسر على الكذب أو التكذيب لمن روى بغير دلالة، فهذا أمر لا يعجز عنه أحد، وقد رمى صاحب الرسالة الرادعة(١) بذلك وهو بريء منه بل هو أحق به وأجدر.
[بيان سكوت أمير المؤمنين الإمام علي، وشبهه بهارون (ع)]
  ثم قال [أي الفقيه]: قال القدري: ورأى أمير المؤمنين الكف عن الأمر خشية من انتثار كلمة الإسلام وقلة الأنصار والأعوان، ولقد أورد كلاماً لا يدري ما معناه ولا ما وراه، ولو علم لكان السكوت له أولى؛ بل فيه الإيراد دون الإصدار، ولا خبرة له بطريقة العلماء النظار.
  والجواب [المنصور بالله]: أنه أنكر ما لا نكير فيه من أن علياً # أمسك عن النكير خشية تشتت الكلمة وافتراق المسلمين، ولهذا قال # فيما رويناه عنه بالسند الصحيح: (أسلم ما سلمت أمور المسلمين) فما في هاهنا من كلام لا يعرف معناه، ولعل الفقيه لما لم يعرف ذلك أو عرفه وتعامى عنه رد الأمر إلى
(١) هي رسالة الشيخ محيي الدين القرشي ¦.