كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان سكوت أمير المؤمنين الإمام علي، وشبهه بهارون (ع)]

صفحة 493 - الجزء 4

  قائله وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلاً.

  وأما قوله [أي الفقيه]: ولو سكت عنه # مع علمه بأن الإمامة له، وأن إمامة أبي بكر باطلة، وقضاياه وأحكامه فاسدة؛ لكان عاصياً لله وتاركاً ما أمره به رسول الله ÷، معيناً على الظلم راضياً به، وأي انتثار أعظم من بطلان الأحكام في الدماء والفروج والأموال، فعلي ممن لا يخاف في إظهار الحق ولا في الأصر⁣(⁣١) عليه لومة لائم، ولا يأسى ممن تقاعد عنه، ولا يفزع من قيام قائم، لولا جهلك بهذه الخصال، وقصدك الطعن على الأمة المعصومة، وعلى علي # لتقصيره في دين الله، وصبره على تغيير أحكام الله، ورضاه بالذل والضيم، وحمله على الباطل بالجبر والقهر، فما أعظم اغترارك، وما أقبح اعتذارك.

  وزعمت بجهلك أن علياً قليل الأنصار والأعوان، فأين بنو هاشم وبنو المطلب، بل أين المهاجرون والأنصار لو علموا أن الحق له، وانتدبهم إلاالقيام على أهل الباطل قاموا معه.

  وهل هو أقوى في بني هاشم أو أبو بكر في تيم؟ وهل قام الإسلام واستظهر النبي ÷ على عبدة الأوثان والأصنام إلا بالقوم الذين بايعوا أبا بكر ورضوا ببيعته وإمامته، أثنى الله عليهم ورسوله غاية الثناء، وأبلوا في الله ورسوله أحسن البلاء، وبذلوا مهجهم حتى استقام الدين، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون.

  فوافقوا أبا بكر على الباطل بجميع الأنصار والمهاجرين، ووقذت بالعجز والمهانة من جعله الله عن ذلك في عزّ وصيانة.

  والجواب [المنصور بالله]: أنا قد بينا في غير موضع من كتابنا هذا أن علياً # عمل في جميع أموره بما يقتضيه العلم والدين، ولو تدبّر الفقيه ذلك لعلم صِدْق


(١) الأّصر: الكسر والعطف والحبس؛ تمت قاموس.