كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان سكوت أمير المؤمنين الإمام علي، وشبهه بهارون (ع)]

صفحة 495 - الجزء 4

  جانبهم أقوى من جانب هارون # وهارون # في اثني عشر ألف مقاتل من صفوة بني إسرائيل # وإنما كان من كان في مقابلتهم أكثر منهم أضعافاً، وحكى الله عنه: {إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي}⁣[الأعراف: ١٥٠].

  فمن أين يستبعد أن يقع مع علي # مثل ذلك، وقد كان مع الرسول ÷ بنو هاشم، فيهم عمه أبو طالب وهو رئيس قريش، ومعه بنو عبدالمطلب كافة، وكان في الحصر والإستذلال فلم ينقصه ذلك عند الله تعالى.

  وأما تكريره [أي الفقيه] أن ذلك تضعيف لعلي # وتوهين لأمره.

  فالجواب [المنصور بالله]: ما قدمنا أنه لا غضاضة عليه فيما غُلِب عليه، فإن المحق قد يُغْلَب، والمبطل قد يَغْلِب، وبهذا جرت العوائد أولاً وآخراً، وما قامت لمبطل بغلبته حجة، إلا من ضل وادعى أن طريق الإمامة القهر والغلبة، وقد أوضحنا بطلانه فيما تقدم.

  وأما قوله [أي الفقيه]: إنه بايع أبا بكر خيار الصحابة وهم الذين استظهر بهم النبي ÷ على عبدة الأوثان من الأصنام.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنا لا ننكر ذلك وإنما الكلام يقع في موضعين:

  أحدهما: أنهم مع ذلك ممن يجوز عليهم الخطأ؛ لأنهم ليسوا كل الأمة بل بعضها، لما قدمنا من أن أفضل الأمة علي # لم يبايع في أول وهلة، وكذلك بنو هاشم، وكذلك ما ذكرنا من كبار الصحابة الذين انقادوا لأمره إلى أن وقع من الترهيب والإفزاع ما وقع، وكانت البيعة الشلاء بعد التهدد بالقتل، والتخيير بين البيعة أو النفي من تلك الأرض، وما شاكل ذلك.

  والأمر الثاني: أن الأعمال بخواتيمها، فمن كان صالحاً مدة ثم ختم عمله بكبيرة فإنه يدخل النار على وجهه خالداً مخلداً فيها أبداً، فما يغني عن فقيه الخارقة هذا الكلام الذي أوله كذب، ووسطه تهويل ولعب، وآخره معلق بما لا يفيد، لولا محبة إظهار الكلام أنه قد أجاب عما ورد عليه، ومتى نظر فيما ذكرنا في