كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[رواية الفقيه تخاصم علي والعباس عند عمر - والتعليق على هذه الرواية]

صفحة 561 - الجزء 4

  سلماه في أيام أبي بكر وتخليا عن الدعوى فيه، فكيف يجوز ذلك وعمر يناشدهما الله تعالى، هل تعلمان أن رسول الله ÷ قال لا نورث ما تركناه صدقة، فيعترفان به والقوم حضور يشهدون على رسول الله ÷ بمثل ذلك، وكل هذه الأمور تؤكد ما قاله أبو داود.

  ويشبه أن يكون عمر إنما منعهما القسمة احتياطاً للصدقة ومحافظة عليها، فإن القسمة إنما تجري في الأموال المملوكة، وكانت هذه الصدقات متنازعة وقت وفاة رسول الله ÷ يدعي فيها الملك والوراثة إلى أن قامت البينة من قول رسول الله ÷ إن تركته صدقة غير موروثة، فلم يسمح لها بالقسمة.

  ولو سمح عمر بالقسمة لكان لا يؤمن أن يكون ذلك ذريعة لمن يريد أن يتملكها بعد علي والعباس ممن ليس له بصيرتهما في العلم ولا يقينهما في الدين، فرأى أن يتركها على الجملة التي هي عليها، ومنع أن تجول عليها السهام فيوهم أن ذلك إنما كان لرأي حدث منه فيها أوجب إعادتها إلى الملك بعد اقتطاعها منه إلى الصدقة.

  ويدل على هذا: أن الأخبار اتفقت عن علي # أنه لما أفضت إليه الخلافة وخلص إليه الأمر أجراها على الصدقة ولم يغير شيئاً من سبيلها.

  وبسندي إلى محمد بن الحسين الآجري، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني، قال: حدثنا عبيد بن حيان الحلبي، قال: حدثنا عطاء بن مسلم، عن صالح المرادي، عن عبد خير، قال: رأيت علياً # صلى العصر، فصف له أهل نجران صفين، فلما صلى أومى رجل منهم فأخرج كتاباً فناوله إياه، فلما قرأه دمعت عيناه، ثم رفع رأسه فقال: يا أهل نجران ويا أصحابي هذا والله خطي بيدي وإملاء رسول الله ÷.

  قالوا: يا أمير المؤمنين أعطنا ما فيه، قال: ودنوت منه فقلت: إن كان راداً على عمر يوماً فاليوم يرد عليه فقال: لست براد على عمر اليوم شيئاً صنعه، إن عمر