كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام على رواية الفقيه]

صفحة 562 - الجزء 4

  كان رشيد الأمر، وإن عمر أخذ منكم خيراً مما أعطاكم، ولم يجر عمر ما أخذ منكم لنفسه إنما جره لجماعة المسلمين.

  وقد روى هذا الخبر من طريق أخرى عن سالم بن أبي الجعد قال: جاء أهل نجران إلى علي # فقالوا: يا أمير المؤمنين كتابك وشفاعتك بلسانك، أخرجنا عمر من أرضنا فارددنا إليها فقال: ويحكم إن عمر كان رشيد الأمر، فلا أغير شيئاً صنعه، قال الأعمش: فكانوا يقولون: لو كان في نفسه شيء لاغتنم هذه.

  ولو أردنا أن نتقصى ما تبع فيه علي # سنن أبي بكر وعمر وعثمان ولم يغير منه شيئاً، لخرج عن الحصر، وفي القليل من هذا ما يدل على الكثير، والله الموفق للصواب.

[جواب الإمام على رواية الفقيه]

  والجواب [المنصور بالله]: أما ما ذكر من الحديث الذي ذكره عن شيخه الفقيه محمد بن مضمون في حضور علي والعباس @ إلى عمر يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من بني النضير، وتقرير شهادة الحاضرين عنده على أن رسول الله ÷ قال: «لا نورث ما تركناه صدقة»، وكذلك ما أقر به من ذلك علي والعباس @ وأنه منعهما قسمة ما أعطاهما خشية إيهام التملك من بعدهما إلى آخر ما ذكر - فالجواب: أن الكتاب الكريم قد نطق بوراثة الأنبياء $ وأجمع على ذلك أهل البيت $ ولا يختلفون فيه، فكيف يعترض على ذلك بخبر من الآحاد، قال الله تعالى مخبراً عن زكريا #: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَاءِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ٦}⁣[مريم].

  ولفظة الإرث في اللغة والشرع لا يفيد إطلاقها إلا ما يجوز أن ينتقل على الحقيقة من الموروث إلى الوارث كالأموال وما في معناها، لا يستعمل في غير المال إلا على سبيل التوسع والمجاز.