كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام على رواية الفقيه]

صفحة 563 - الجزء 4

  ويؤكد لك أنه لا يفهم من قول القائل: لا وارث لفلان إلا فلان، ولا يعرف منه في الظاهر والإطلاق إلا ميراث المال، ومتى ورد في العلم وغيره كان مجازاً وتشبيهاً بالحقيقة، فلا يجوز العدول عنه إلا للضرورة.

  ولأن زكريا # قال: {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ٦} واشتراط الرضى في النبوة يكون لغواً وعبثاً؛ لأن النبي ÷ لا يكون إلا كذلك وأوفى، ولهذا لا يحسن أن يدعو بأن يكون نبياً، وأن يجعله عاقلاً ومكلفاً لما ذكرناه، وما ورد في ذكر الإرث في غير المال كان تشبيهاً ومجازاً واتساعاً في الكلام، والحقيقة ما قدمنا.

  ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ}⁣[النمل: ١٦]، وقوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}⁣[النساء: ١١]، وهو عام في جميعهم.

  فإن قيل: إنا نخص هذا العموم بما روى أبو بكر أن النبي ÷ قال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» واستشهد عليه عمر وعثمان والزبير وسعداً وعبدالرحمن.

  فالجواب: أن الذي عرف من أبي بكر هو رواية الخبر، فأما استشهاد هؤلاء فغير معروف، وإنما روى أنهم شهدوا بصحة الخبر في أيام عمر حين وقع النزاع بين العباس وعلي في الميراث.

  وكذلك جواب من يقول إن فاطمة & لما سمعت هذا الخبر من أبي بكر كفت عن الطلب، فإنها كفت عن المنازعة والمشاجرة وانصرفت مغضبة متألمة، والأمر في غضبها وسخطها أظهر من أن يخفى على أبله⁣(⁣١).


(١) قال ¥ في التعليق: نعم، وقد تقدمت رواية الإجماع من أهل البيت $ على أن فاطمة ماتت غضبانة على الشيخين. هذا، وقد ورد فيها من الأخبار ما يقضي بعصمتها عن القبيح، فعنه ÷: «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من وراء الحجاب: يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد حتى تمر» [أخرجه: الحاكم في المستدرك (٣/ ١٦٦) رقم (٤٧٢٨) والطبراني في الكبير =