[بحث حول خلافة عمر]
  وقد أبطلنا ذلك إبطالاً ظاهراً، وإذا بطل الأصل بطل الفرع على سبيل التبع، ولهذا اشتدت العناية في إبطال ما يدعونه من إمامة أبي بكر؛ لأن إمامة عمر وعثمان يتبعانها في الصحة والبطلان.
  وما ذكره من الفتوح على يديه فذلك لا يبعد من أمثاله، وكان ذلك ببركة النبي ÷ وما وعد الله به من أنه يظهر دينه ولو كره المشركون، وأن دعوته ÷ وأمره يبلغ حيث يبلغ الليل، فوقع المخبر كما أخبر، والأعمال بخواتيمها، وما حرسه صاحبه من الأعمال الصالحة عن الإحباط والإبطال نفعه في المآل، ولكل درجات مما عملوا، ولا يظلم ربك أحداً.
  فأما بمجرد الفتوح وترتيب الولاية، واستحكام الأمر لأجل ذلك، فلا يدل على إمامة أحد؛ لأن في الكفار من أهل الثغور من أتى من ذلك بما لا يكاد يوجد في الإسلام، وبنو أمية قد فعلوا من ذلك ما كان سبباً لاستقامة أمرهم في مدته، ولم يدل ذلك على الإمامة فلا ينبغي أن يكثر به الكلام، ولا يعتمد على غير معتمد.
  وقد بينا فيما سبق أن السكوت لا يدل على الرضا إلا إذا كانت الحال حال سلامة، ولا شك أن أمر عمر كان أقوى وأظهر من وقت أبي بكر، فكان السكوت والغفلة عن النكير عليه أولى وأبر، وإذ قد قدمنا من ذكر أسباب السكوت في وقت أبي بكر، وقلب دلالتهم عليهم في السكوت والغفلة عن النكير في قتل عثمان، وولاية معاوية بن أبي سفيان ما يعود جميعه هاهنا، فلذلك قلنا: إن النظر في ذلك يكفي في انهدام إمامة أبي بكر، وانهدام ما ينبني عليها من إمامة عمر وعثمان.
  وما ذكر بعد ذلك من فضائل عثمان، وما استدل به على إمامته من جعل عمر الأمر شورى في ستة نفر، وما أكثر فيه من هذه الأجناس، فإنه مثل ما تقدم، والكلام عليه وعلى ما مضى سواء.
  وأما فضائله فما صح فلا ننكره ولا نرده، وإنما الشأن في حفظ المستحق من