كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الفتوح وترتيب الولاية لا تدل على الإمامة]

صفحة 593 - الجزء 4

  ولو نظرت في الكلامين السؤال والجواب لعرفت أن لفظه فيما قال أحرى بالصواب، وأما المعنى فالخطأ وقع ممن اعتقد أن الأولى بالإمامة من عقدت له بغير دلالة، وأعرض عمن قامت الأدلة والكتاب والسنة على إمامته.

[الفتوح وترتيب الولاية لا تدل على الإمامة]

  ثم قال [أي الفقيه]: وما ذكرت في حق أبي بكر وعمر وعثمان من إحباط الأعمال، فإنما تحاول تكذيب الله تعالى، وتكذيب رسول الله، والطعن على فضلاء أمته، ولتعلمن نبأه بعد حين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون،

  سَتَعْلَمُ لَيْلَى أيَّ دينٍ تَدَايَنَتْ ... وأيَّ غَرِيمٍ في التَّقَاضِي غَرِيْمُها

  والجواب [المنصور بالله]: أنه جعل جواب الدلالة تهويلاً منه، وهذا لا يبلغه عاقل، وكان ينبغي أن ينفصل إن كان عنده وجه ينفصل به مما ورد عليه، فأما ادعاؤه بأنه تكذيب للكتاب والرسول فليس كذلك؛ لأن الخبر ورد على من هو مستحق في الحال؛ لأن خلاف ذلك يؤدي فيمن ليس بمعصوم إلى الإغراء بفعل القبيح وترك الواجبات؛ لما في النفس من الشهوة للقبيح والنفرة عن الحسن؛ فمتى علم أنه لا عهدة عليه في ذلك سارع إليه، ووثب عليه، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار.

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما ما ذكر من الفتوح، وأن من الكفار من أهل الثغور من أتى من ذلك بما لا يكاد يوجد في الإسلام، وأن ذلك لا يدل على الإمامة - فنحن إنما أوردنا ذلك في حيز الفضائل، لا أنا جعلناه بمجرده دليلاً على الإمامة، على أن من شروط الإمام النجدة والكفاءة بالاتفاق.

  والجواب [المنصور بالله]: أنه جعل ذلك في أثناء استدلاله، وأما اعتلاله بأنه من شروط الإمام فلا شك، ولكن الشأن في كمال الشروط وثبوت طريق الإمامة، وذلك مرتقى صعب على أكثر العباد إلا من خصهم الله تعالى بقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ٧}⁣[الرعد].