[خاتمة أدبية علمية جميلة تظهر تواضع الإمام وإنصافه سلام الله عليه]
  مقالته أنه علامة، وهو يزقو زقاء الهامة، قد جعل ديدنه سب الأئمة الأطهار من عترة النبي المختار، وزعم الانفصال من الحوب(١) بأنهم خالفوا رأيه المقلوب، ولم يسلكوا أسلوبه المسلوب، جعل نفسه ورؤساء مقالته موضع الوفاق والخلاف، وهو أشبه شيء بمفرق الأظلاف، ولم يعلم أن أهل بيت النبي ÷ موضع الوفاق والخلاف، وأنهم الموفون على الأعراف.
  ما ظنك ببيت عَمَرَهُ التنزيل، وخدمه جبريل، نزل الوحي في أثنائه، وتليت آيات الحكمة بين أرجائه، كم لأهله من موال ودود، ومن قالٍ حسود، فالحاسد القالي مثبور مخسور، والموادد الموالي مؤيد منصور، كم بين من تستغفر له الملائك، ومن يَدعُّهُ وينهره مالك.
  روينا عن أبينا رسول الله ÷ في موائد آل محمد - ~ وعليهم -: «إن الملائكة تحضرها فيستغفرون لهم ولمن أكل معهم».
  وقد تقدم في قبورهم ما قدمنا، وفي أنواع أمرهم ما إذا نظر فيه الناظر بعين البصيرة كان له نوراً يوم المعاد، وشرفاً على مرور الآباد، وإنما ذكرنا قليلاً من كثير من فضائلهم، ونبّهنا على أدنى الأساس من منازلهم.
  فبذلك تثلج قلوب أوليائهم، وتنشرح صدور أصفيائهم، وتعبس وجوه أضدادهم، وتنش آذان أعدائهم، لا علّة لذلك تعلم إلا ما قال الرسول المكرم ÷ حيث جعل علامة ودّهم طهارة المولد والولادة، وبغضهم عنوان الشقاوة لا السعادة، وأخبر - وهو لا يخبر إلا عن علاّم الغيوب - بأن باغضهم جَمَّاع قبائح الذنوب، إما المولود لغير رِشْدَة، أو المحمول به في غُبَّر حيضة، أو المأتي في دبره كما تؤتى النسوان، والكل من هؤلاء ملعون مفتون.
  فغلب عليه الخُبْث في أغلب الأحوال، لارتكابه أَقْبَح أنواع الضلال، من
(١) الحُوب بالضم: الهلاك والبلاء والنفس والمرض؛ تمت قاموس.