[ذكر معاني لفظة مولى في أصل اللغة ووجه دلالتها على إمامة علي (ع)]
  وهذه الأقسام التسعة بعد الأولى إذا تؤمّل المعنى فيها وُجِدَ راجعاً إلى معنى الأَوْلى ومأخوذاً منه، لأن مالك الرق لما كان أولى بتدبير عبده من غيره كان لذلك مولاه دون غيره.
  والمعتِق لما كان أولى بميراث المعتَق من غيره كان لذلك مولاه.
  والمعتَق لما كان أولى بمعتقه في تحمل جريرته وألصق به ممن أعتقه غيره كان مولاه أيضاً لذلك.
  وابن العم لما كان أولى بالميراث ممن بَعُدَ عن نسبه، وأولى بنصرة ابن عمه من الأجنبي، كان مولاه لأجل ذلك.
  والناصر لما اختص بالنصرة فصار بها أولى كان من أجل ذلك مولاه.
  والمتولي لتضمن الجريرة لما ألزم نفسه ما يلزم المعتق كان بذلك أولى ممن لم يقبل الولاء وصار به أولى بميراثه فكان بذلك مولى.
  والجار لما كان أولى بنصرة جاره ممن بعد عن داره، وأولى بالشفعة في عقاره، فلذلك صار مولى.
  والإمام المطاع لما كان له من طاعة الرعية وتدبيرهم ما يماثل الواجب بملك الرق كان لذلك مولى.
  فصارت جميع المعاني فيما حددناه ترجع إلى معنى الوجه الأول الذي هو الأَوْلى، ويكشف عن صحة معناه فيما ذكرناه في حقيقته ووصفناه، فليتأمل ذلك ففيه بيان لمن تأمله.
  فإن قيل: فإذا ثبت أن لفظة مولى قد تستعمل مكان الأَوْلى، وأنها أحد محتملاتها، فما الدليل على أن النبي ÷ أراد بها يوم الغدير الأَوْلى دون أن يكون أراد بها غيره من الأقسام التي يعبر بها عنها.
  قيل له: مقدمة الكلام التي بدأنا بذكرها، وأخذ إقرار الأمة بها من قوله - عَلَيْه وآله السَّلام -: «ألست أولى بكم منكم بأنفسكم»، ثم عطف عليها بلفظ