فصل: في قول النبي ÷ لعلي (ع): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»
  وبالإسناد المقدم، قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد بن موسى العندجاني رفعه إلى سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص: أن النبي ÷ قال لعلي #: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».
  وبالإسناد المقدم قال: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، رفعه إلى سعيد بن المسيب، عن سعد، عن النبي ÷ بمثله.
  وبالإسناد المقدم قال: أخبرنا أبو عبدالله الحسن بن الحسن بن يعقوب اللباس الواسطي، يرفعه إلى عائشة بنت سعد، عن سعد، عن رسول الله ÷ بمثله.
  وبالإسناد المقدم قال: أخبرنا أبو القاسم عبدالله بن محمد بن عبدالله الرفاعي الأصفهاني - قدم علينا واسطاً في جمادى الأولى من سنة أربع وثلاثين وأربعمائة - يرفعه إلى عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله ÷ لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، وخلّفه في أهله.
  فهذه أخبار روتها أئمة العامة في الأخبار، وطابقت من رواها من الشيعة، وهؤلاء فرقتا الأمة في الأصل، وإن افترقتا إلى فرق أخرى، ولم يبق إلا الخوارج فليس لهم سلف بالاتفاق، وصار ذلك إجماعاً، والخبر مما علم ضرورة.
  ومنازل هارون من موسى ثابتة لعلي # إلا ما خصه الدليل، وأخوّة الولادة جعل الله في مقابلتها زواج الزهراء وأخوّة المؤاخاة.
  واعلم أن مع صحة هذه الأخبار وصحة طرقها المتقدمة فقد أثبت النبي ÷ لعلي # جميع منازل هارون من موسى إلا ما أخرجه الاستثناء من النبوءة وأخرجه العرف من الأخوة، وقد ثبت أن منازل هارون من موسى كانت أشياء:
  منها: أنه كان أخاه لأبيه وأمه، وشريكه في نبوته، وأحب القوم إليه، وممن شد الله به أزره، وكان مفترض الطاعة على أمته، وخليفته على قومه.
  وأما كونه أخاه فشاهده بالنسب من الكتاب العزيز قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ}[الأعراف: ١٤٢]، وقول هارون: {ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي}[الأعراف: ١٥٠].