فصل: في قول النبي ÷ لعلي (ع): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»
  وأما شاهده بالشركة في النبوءة، فقوله تعالى حاكياً عن موسى: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ٣٢}[طه].
  وأما كونه أحبّ القوم إليه فمما لا يحتاج إلى استشهاد بأن الأخ من أب وأم إذا كان شريكاً له في أمره ونبؤته وخليفته في قومه وممن شد الله عضده به، فمعلوم ضرورة أنه يكون أحب القوم إليه.
  وأما كونه ممن شد الله به أزره وعضده، فشاهده قوله تعالى حاكياً عنه: {هَارُونَ أَخِي ٣٠ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ٣١}[طه]، وقوله تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ٣٥}[القصص]، فأثبت له ولأخيه ولمن اتبعهما الغلبة، ولم تكن غلبتهم بالقوة والكثرة، وإنما كانت بالحجة، وبيانه: قوله تعالى: {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا}، وهو الحجة.
  والدليل على أن السلطان هاهنا هو الحجة قوله تعالى في موضع آخر: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ٣٣}[الرحمن]، يعني بحجة.
  وقال سبحانه وتعالى شاهداً له بالخلافة في قومه: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}[الأعراف: ١٤٢].
  وإذا كانت هذه المنازل حاصلة لهارون من موسى، وقد جعله النبي ÷ منه بمنزلة هارون من موسى، وجب أن يثبت له جميع منازل هارون من موسى إلا ما استثناه من النبوة لفظاً والأخوة عرفاً(١).
(١) قال ¦ في التعليق: وسيأتي حديث سد الأبواب وفيه: «إن موسى بن عمران لم يحل لأحد السكون في المسجد إلا لهارون، وإن علياً مني بمنزلة هارون ... إلخ»؛ فأفاد ÷ أن لعلي جميع المنازل إلا ماخصه من النبوة، ولا تفسير فوق تفسيره ÷، فابحث عنه في الجزء الرابع، وسيأتي أبسط من هذا على الكلام على حديث المنزلة في الجزء الثالث، وفي الجزء الثاني.