كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر النجارية]

صفحة 363 - الجزء 1

[ذكر النجارية]

  ومنهم النجارية أصحاب حسين النجار، وهم فرق يجري بينهم اختلاف وتكفير، ويقول بخلق الأفعال، وأن الاستطاعة مع الفعل، وهو الذي أحدث القول بالبدل⁣(⁣١) لما ألزمه أهل العدل على قوله في الاستطاعة تكليف ما لا يطاق، ويقول إنه تعالى مريد لجميع القبائح، وقال: لا أبالي أَخَلْق الشيء غير الشيء أو


(١) البدل: بباء موحدة، فدال مهملة، فلام مشالة. البدل من المسائل الدائرة بين العدلية والجبرية، وقد بسط الكلام عليها السيد الإمام مانكديم في شرح الأصول، والقاسم بن أحمد بن حميد في حاشيته الغرر والحجول، ويحيى بن حسن القرشي في المنهاج، ووالدنا إمام المحققين أمير المؤمنين الهادي إلى الحق المبين أبو الحسن عز الدين بن الحسن $ في المعراج.

وأصل ذلك أن العدلية لما ألزموا الجبرية على قولهم بالقدرة الموجبة أن يكون تكليف الكافر بالإيمان تكليفاً بما لا يطاق لجأوا إلى القول بالبدل، وهو: أنه يصح منه وجود الإيمان حال الكفر.

قال الإمام عز الدين # في المعراج: اعلم أن مذهب العدلية وكثير من غيرهم أنه لا يجوز البدل عن الموجود الحاصل، لكن ما من موجود له ضد إلا وكان يصح وجود ضده بدلاً عنه قبل وجوده لا حاله، وأجاز حسين بن محمد النجار وغيره من الجبرية وجود الإيمان حال الكفر، فجوز البدل عن الموجود الحاصل، قال الحاكم: وهو أول من أجازه فراراً من أن يلزمه على قاعدته في إيجاب القدرة تكليف ما لا يطاق.

واعلم أن للبدل وصحته على ما يقوله أصحابنا شرائط:

أحدها: أن يكون البدل والمبدل لا يصح اجتماعهما في الوجود بأن يكونا ضدين، فإن كانا مثلين أو مختلفين صح الجمع بينهما، ولم يدخل فيهما البدل.

وثانيهما: أن يكونا معدومين، ولا يكون أحدهما موجوداً؛ لأنه إذا صار موجوداً لم نقل فيه يصح أن يوجد بدلاً عن ضده؛ إذ الموجود لا يصح أن يوجد ثانياً، ولا يصح وجود المعدوم بدلاً عنه لأن وجوده قد حصل، والبدل لا يصح إلا عما لم يحصل.

وثالثهما: أن يكونا مستقبلين. فإن قيل: اشتراطكم لعدمهما يغني عن هذا. قلنا: بل لا بد منه؛ لأنه لو حضر وقت وجودهما ولم يوجدا فهما معدومان غير مستقبلين، ولا يصح البدل فيهما بأنه قد تعذر وجودهما من بعد.

ورابعها: أن يختصا بوقت واحد، فإن لم يتحد الوقت فالجمع بينهما في وقتين ممكن.

وخامسها: أن يكونا مقدورين لقادر واحد، ويعرف بما ذكرنا أن البدل والمبدل عنه في الاصطلاح موضوعان لمقدورين ضدين أو ما في حكمهما متعلقين بقادر واحد يختار إيجاد أحدهما في وقتهما المخصوص. انتهى المراد من كلام الإمام لإيضاح المقام، والبحث مستوفى في محله من الكلام. انتهى المراد والله ولي التوفيق، من المفتقر إلى عفو الله سبحانه مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي غفر الله لهم.