[ديباجة الكتاب]
  فدعانا ذلك إلى ترك جوابه، واستغنينا بمعرفة جهله عن خطابه، فأجابه الشيخ الأجل محيي(١) الدين، عمدة الموحدين، برسالة موجودة، عارضة الصفحة على علماء المسلمين، فيها تقريض أهل البيت $، وذكر ما ورد فيهم من الآثار، والاستدلال على ما يلزم فيه الاستدلال.
  فما شعرنا حتى وردت الخارقة، لاسمها مطابقة، ولشريعة المسلمين في المراسلة والمكاتبة خارقة، فيها من القول القبيح المتنافي المختلف، ما صحح القول: إن كل ذي عاهة صلف(٢)، رام للصحابة النصرة بسبّ جماعة العترة، واستثنى منهم من اعتقد إمامة المشائخ، وأحد منهم لا يعتقد ذلك بشهادة المسلمين والمعاهدين، والاستثناء إخراج بعض من كل، فكان كالمستثني عشرة من عشرة.
  فوقفنا عليها ورأينا ما ضمّنها من الأذية التي لا تليق بمن يعتزي إلى الدين، ويتخلّق بأخلاق المسلمين، فعزمنا على الإضراب عن جوابها، وأمْرِ بعض الإخوان بنقض قواها، وفصم عراها، وحلّ شبهها، وكسر أركان ما زعم أنه استدل به عليها.
  فرأينا في بعضها أن تركنا الجواب ما كان إلا للعجز عن الإجابة، وعدم الإصابة، فرأينا التفرغ لجوابه في بعض الأحوال، أولى من كثير من الأشغال؛ فإن اهتدى لم نكره هدايته، وإن استحبّ العمى على الهدى كنا قد خرجنا عن عهدة ما يلزم من النصيحة للمكلفين، ولعل غيره يستبصر بما لم يبصر به، {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ١٢٤ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ١٢٥}[التوبة]، فأما السبّ والأذية فمما لا
(١) قوله «محيي الدين»: هو الشيخ محمد بن أحمد بن الوليد القرشي، أحد أشياخ الإمام، توفي سنة إحدى وعشرين وستمائة ¥. انتهى.
(٢) ككتف: المتمدح بما ليس عنده، ومجاوز قدر نفسه، والمدعي فوق قدره تكبراً. أفاده القاموس.