[ديباجة الكتاب]
  إعجام الحاء بنقط الجيم فهو سهو من الناسخ أو جهل؛ لأنا لا ندري الآن من نسخ الرسالة التي صنفناها، فأسهب في ذلك وأطنب، وعَجِبَ وعَجَّب، فعجبنا من تعجبه، وعَجَّبْنا أهل المعرفة من قلّة أدبه، كيف قضى بجهلنا بذلك من نقطة وجدها مفردة أو مكررة، وبنى على ذلك ما حرره، واشتغل عن النظر في معنى الخبر، فانتظمه ما قيل في المثل: تعرّفني بضب احترشته(١)، وصار بذلك كجالب التمر إلى البصرة، ومعلمة العوان الخِمرة(٢).
  وقد أفردنا لما ذكره من التخطئة وأخطأ فيه من الكتابة باباً أودعناه كتابنا هذا، وقد رضينا في ذلك بقضاء أهل المعرفة من أهل الأدب من أهل مذهبه، فليراجعهم فيما عاب وعيب عليه؛ لأن الأدب مسألة إجماع ممن يعرف أصوله ويفهم فصوله.
  وقد عظّمتَ شأنك، وحسّنتَ بزعمك بيانك، وأطلقتَ بالإفك والأذية لسانكَ، وأرجفتَ بنعلك، وأُعجبت بفعلك، وتعاظم عندك جلدك؛ لما تباعد عن العلماء بلدك، وادعيتَ الأدب، وأطنبتَ في هذا إطناباً ملأ الدلو إلى عقد الكرب(٣)، فلقد أذكرتنا بما قالت العرب: احتكّت العقرب بالأفعى، واستنّت
(١) وقوله #: تعرفني بضب احترشته - قلت: يقال: حرش الضب يحرِشه حَرْشاً وتحرَاشاً صاده كاحترشه. أفاده في القاموس.
(٢) قال ¦ في التعليق: الخمرة اللحفة، والعوان: من كان لها زوج، فهي أعلم بالخمرة من معلِّمها، تمت.
(٣) وقوله #: ملأ الدلو إلى عقد الكرب - قلت: الكَرَب بالتحريك: حبل يشدّ في وسط الخشبتين المعترضتين على الدلو كالصليب، أفاده في شواهد الكشاف، وهو من شعر بعض بني عبد المطلب، قال:
من يساجلني يساجل ماجداً ... يملأ الدلو إلى عقد الكرب
روي أنه سمعه الفرزدق فقدم لمساجلته فسمعه يقول:
برسول الله وابني عمه ... وبعباس بن عبد المطلب
عنى بابني عمه أمير المؤمنين وعبدالله بن عباس - $.
=