كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر من اشتهر بالقول بالعدل والتوحيد من رواة الأخبار]

صفحة 410 - الجزء 1

  ومنهم: محمد بن سيرين، وقد اخْتُلِفَ فيه والصحيح ما قلناه؛ لأنه قيل عنده لمجوسي هو كما شاء الله، فقال: لا تقل كما شاء الله، وقل: كما علم الله؛ لأنه لو كان كما شاء الله لكان رجلاً صالحاً، وهذا كما ترى تصريح بالعدل.

  وروي أنه سُئِل عن القدر فتلى قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ... الآية}⁣[الأعراف: ٢٨]، فقال الرجل: يا أبا بكر أسألك عن القدر، فتلى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}⁣[النحل: ٩٠]، فقال الرجل: إنما أسألك عن القدر، فقال محمد: لتقومنّ عني أو لأقومنّ عنك؛ فهذا ينفي الإشكال في أمره.

  ومنهم: قتادة، وقد مضى ذكره، ومنهم: بكر بن عبدالله المزني، سُئل عن القدر، فقال: إن الله تعالى أمر عبده بطاعته وأعانه عليها، ولم يجعل له في تركها عذراً، ونهاهم عن معصيته وأغناهم عنها، ولم يجعل لهم في ركوبها عذراً.

  ومنهم: محمد بن واسع، سُئل عن القدر، فقال: إن الله تعالى يسأل العباد عن أعمالهم ولا يسألهم عما قدر، ويسألهم عما عهد إليهم ولا يسألهم عما قضى عليهم.

  ومنهم: مالك بن دينار، وكان من أَدَبة معبد الجهني، ويقول: لا تنحلوا ربكم الذنوب فيضاعف لكم العذاب، ولكن توبوا إليه.

  ومنهم: أياس بن معاوية، قيل له: ما يمنعك أن تصف القول في القدر؟ فقال: قد علمتُ قول الحق فيه، ولكني أخاف أن أظهر فأصلب كما صلب غيلان؛ لأنا قد بينا تعلق بني أمية بهذه المقالة الرديئة وتشددها فيها على جاري عادتها في التشدد في الضلالات وخلاف الحق؛ في الجاهلية مجاهرة، وفي الإسلام مخاتلة؛ فالحمد لله الذي قطع دابرهم، وكما قطع دابرهم نرجوا أن يقطع مقالتهم وسنتهم التي سموها سنة؛ فما ذلك على الله بعزيز.

  ومنهم: عوف بن أبي جميلة، شهد بذلك يحيى بن معين، وهو ممن لا يتهم عند فرق المجبرة والقدرية، ومنهم: سليمان الشاذكوني، ومنهم: مطهر بن طهمان،