[حكم أمير المؤمنين (ع) في معاوية]
  سأله: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟ فقال #: - يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين(١)، ترسل في غير سدد(٢)، ولك بعد ذلك ذمامة(٣) الصهر وحق المسألة، وقد استعلمت فاعلم؛ أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسباً، والأشدون بالرسول نوطاً؛ فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم وسخت بها نفوس آخرين، والحكم الله والمعود إليه القيامة،
  ودع عنك نهباً صيح في حجراته
  وهلمّ الخطب في ابن أبي سفيان؛ فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه، فيا له خطباً يستفرغ العجب، ويكثر الأود، حاول القوم إطفاء نور الله وسد فواره عن ينبوعه، وجدحوا(٤) بيني وبينهم شرباً وبياً، فإن ترفع عنا وعنهم محن البلوى أحملهم من الحق على محضه، وإن تك الأخرى فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون.
  فهذا أيها الفقيه العلامة عند نفسه وحَيِّه كلام علي # في معاوية وحزبه، وأنهم يحاولون إطفاء نور الله، فهل يحاول إطفاء نور الله إلا الكافرون
= غير موجود في شرح ابن أبي الحديد، انظر (١/ ٣١)] بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق.
قال ابن أبي الحديد: كان عفيفاً شريف النفس عالي الهمة ملتزماً بالدين وقوانينه لم يقبل من أحد صلة ولا جائزة حتى أنه رد صلات أبيه، وناهيك بذلك شرف نفس وشدة ظلف [الظلف من ظلف نفسه عن الشيء أي منعها] فأما بنو بويه فإنهم اجتهدوا على قبوله صِلاتهم فلم يقبل وكان يرضى بالإكرام وصيانة الجانب إلى أن قال: وتوفي في المحرم سنة أربع وأربعمائة، وكان عمره خمساً وأربعين سنة لأن مولده سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.
(١) قوله قلق الوضين: الوضين: بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير. أراد أنه سريع الحركة، يصفه بالخفة وقلة الثبات كالحزام إذا كان رخواً. انتهى نهاية.
(٢) السدد محركاً: الاستقامة، أي تطلق لسانك بالكلام في غير موضعه كحركة الجمل المضطرب في مشيته.
(٣) الذمامة: الحماية والكفاية، ومثله: الذِمام بكسر الذال فيهما. انتهى شرح حواشي نهج البلاغة.
(٤) قوله: وجدحوا، الجدح أن يخاض السويق بالماء، ويحرك بالمجدح، وهو خشبة الجدح. انتهى من النهاية.