[كتاب معاوية إلى أمير المؤمنين (ع) في أمر الخلفاء وجوابه عليه]
  عند من صحح بيعته، ومصنف الخارقة بين أمرين، إن يكذب معاوية في حكايته؛ لزمه حكم الكاذبين وهو عنده إمام، وإن صدقه انتقضت إمامة الأول لأن عمدته فيها الإجماع، فقد صار كالباحث بظلفه للحين، وأشغل من ذات النحيين؛ فأما نفيه لهذا فلا يصح لأنه ما لم يختلف فيه رواة الآثار، ولا أنكره أحد من النقدة للأخبار.
  فأجابه علي # بجواب فيه: (أما بعد؛ فإن أخا خولان قدم علينا بكتاب منك تذكر فيه محمداً ÷ وما أنعم الله به عليه من الهدى والوحي، فالحمد لله الذي صدقه الوعد، وتمم له النصر، وبسط له في البلاد، وأظهره على الأعادي من قومه الذين أظهروا له التكذيب، ونابذوه بالعداوة، وظاهروا على إخراجه، وإخراج أصحابه، وألّبوا عليه العرب، وحزبوا عليه الأحزاب، حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون.
  وذكرت أن الله اختار من المسلمين له أعواناً أيده بهم، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام؛ فكان أفضلهم في الإسلام بزعمك وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة وخليفة الخليفة والخليفة الثالث، ولعمري إن مكانهم في الإسلام لعظيم، وذكرت أن عثمان كان في الفضل ثالثاً، فإن كان محسناً فسيلقى رباً شكوراً يضعف له الحسنات ويجزيه الثواب العظيم، وإن يك مسيئاً فسيلقى رباً غفوراً لا يتعاظمه ذنب يعفوه.
  ولعمري إني لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر عنايتهم في الإسلام أن يكون سهمنا أهل البيت أوفر نصيب أهل بيت من المسلمين، ما رأيت ولا سمعت بأحد كان أنصح لله في طاعة رسوله ولا أنصح لرسول الله ÷ في طاعة الله، ولا أصبر على البلاء، وأركد في مواطن الخوف من هؤلاء النفر من أهل بيته الذين قتلوا في طاعة الله: عبيدة بن الحارث يوم بدر، وحمزة يوم أحد، وجعفر وزيد يوم مؤتة، وفي المهاجرين خير كثير جزاهم الله بأحسن أعمالهم.