[خطبة أمير المؤمنين (ع) المعروفة بالشقشقية]
  يسمعوا لله سبحانه يقول: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ٨٣}[القصص]، بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها(١).
  أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء من الميثاق ألا يقاروا على كظّة ظالم(٢)، ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.
  قالوا: فقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه # إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتاباً، فأقبل ينظر فيه، فلما فرغ من قراءته قال له ابن عباس: يا أمير المؤمنين لو أطرَدَتْ(٣) مقالتك من حيث أفضيت.
  فقال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قَرّت(٤).
(١) قوله: حليت الدنيا في أعينهم: يقال: حَلَى الشيء في فمي يحلو، وحلى لعيني يحلى. والزبرج: الزينة، من وشي أو غيره، ويقال: الذهب.
(٢) قوله: كِظَّة ظالم: الكظة بكسر الكاف: ما يعتري الإنسان من الثقل والكرب عند الامتلاء من الطعام. والسغب: الجوع، وقد ألقى فلان حبل فلان على غاربه أي: تركه هملاً يسرح حيث يشاء من غير وازع ولا مانع. وعفطة عنز: فاشرة من أنفها، عفطت تعفط بالكسر، وأكثر ما يستعمل ذلك في النعجة، وأما العنز فالمستعمل الأشهر منها النفطة بالنون، ويقولون: ما له عافط، ولا نافط، أي نعجة ولا عنز، فلعله استعمله في العنز مجازاً.
انتهى تفسير غريب هذه الخطبة من كتب البحث عن إملاء مولانا الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #. [وكتب السيد العلامة الحسن بن محمد الفيشي |].
(٣) قوله: أطردت: أطرد الأمر: تبعه بعضه بعضاً، وهو افتعال من الطرد، ومقالتك فاعلة، وقوله: تلك شقشقة: الشقشقة بكسر فسكون فكسر شيء كالرية يخرجه البعير من فِيْه إذا هاج، ونسبة الهدير إليها مجاز عقلي أسند إلى الآلة. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.
(٤) قال ¦ في التعليق: قال الإمام محمد بن عبدالله الوزير: وهذه الخطبة مروية في أمالي أبي طالب، وفي الجامع الصغير للسيوطي، وفي كتاب الجاحظ، وذكرها ابن الأثير، وذكر النظام ألفاظاً منها كثيرة في موارد الكلمات ... إلخ كلامه #. قال أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي شيخ ابن =