كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام أمير المؤمنين (ع) في صفة معاوية وبني أمية]

صفحة 469 - الجزء 1

  العباد الطيبين، وسنخ أهل البيت المطهرين طينة من عليين، وفي ذلك فضل كثير لشيعتهم المتبعين لهم في الأقوال والأفعال، الباذلين دونهم النفوس والأموال، وبذلك جرت عاداتهم في جميع الأعصار، ما حفّوا براية فخفّوا عنها حتى يذوقوا دونها الحمام، ويسقوا أعداءهم الموت الزؤام⁣(⁣١)، فهم جنود الأرض، كما أن الملائكة $ جنود السماء.

  ما حفّوا براية ضلالة أبداً، حتى قال جعفر بن محمد #: لو نزلت من السماء راية ما ركزت إلا في الزيدية، وإنما ذكرنا الزيدية من بين الشيعة؛ لأنهم الذين استقر فيهم الحق، واستقام عمود دين أهل الولاية، لم يغلوا⁣(⁣٢) ولم يقصروا، فهم النمرقة الوسطى التي قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #: نحن النمرقة الوسطى، إلينا يرجع الغالي، وبنا يلحق التالي.

  غلت في أهل البيت $ غلاة فجعلوهم الآلهة وأخرجوهم من حد العبودية وكفّروا أصحاب رسول الله ÷ ولعنوهم على رؤوس الأشهاد.

  ومن الأمة من قدّم على العترة وأخّرَهم عن مقامات الخلافة، وظلموهم حقهم، وباءوا بوزرهم، ثم تعدّوا ذلك أن قدموا أعداءهم، وأظهروا ولاءهم، ثم استعظموا ذلك فقالوا: نحن نحب الجميع، وألحقوا البريء بذي الظنّة، وجمعوا بين أهل النار وأهل الجنة، ثم جعلوا الخلافة لغيرهم، وتراث أبيهم لسواهم ممن لو استقام لهم الملك بعبادة الأصنام لبادر إليها، ولكن تستّروا بإظهار الإسلام، وفعلوا فعال الفراعنة.

  فأولئك الغلاة، وأولئك القلاة، والكل ذرية النار، وحشو النفاق، وحصب جهنم هم لها واردون، أمن يقتل حجر بن عدي وأصحابه، وعمرو بن الحمق الخزاعي يعد في الصالحين أيها المتفقهة الضالون؟! {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ


(١) قوله: الزؤام: زؤام كغراب، كريه أو مجهز، وأزامه على الأمر: أكرهه. انتهى من القاموس.

(٢) من الغلو.