[ذكر الخروج ببني الحسن (ع) لقتلهم]
  ويتركه وهو يرى الفرصة رأي العين، وبين من يوصي ولاته وأعوانه بالقتل على التهمة، وتحديده بالقياس فيمن يبلغ خمسة أشبار، ويقول: لا تدعوا ممن ينطق بالعربية في خراسان ممن قدرتم عليه أحداً إلا قتلتموه.
  وقد كان من قول الفقيه إنه يوالي أوّل العترة دون آخرها، ولم يحدد لنا ذلك، فبقينا نطلب وعده، على أنه فيما يخال وعد عرقوب، لا هو يوالي الآخِر، ولا يرى حقاً للأول ولا للآخِر؛ إذا كان هذا عبدالله بن الحسن وأهل بيته صفوة آل الحسن بل العترة في عصرهم، وجعفر بن محمد صفوة آل الحسين $ بلا نزاع في ذلك في أيامه، وقد قطع جعفر بن محمد أنه لا يُرْعى لله حرمة بعد أخذ بني الحسن، وأكّد ذلك بالقسم.
  وحكى الطبري في تاريخه، قال: قال عمر: حدثني بكر بن عبدالله بن عاصم مولى قرينة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، قال: حدثني علي بن رباح بن شبيب أخو إبراهيم بن صالح صاحب المصلى، قال: إني لواقف على رأس أبي جعفر وهو يتغدّى بأوطاس وهو متوجه إلى مكة ومعه على مائدته عبدالله بن الحسن، وأبو الكرام، وجماعة من ولد العباس، فأقبل على عبدالله، فقال: يا أبا محمد، محمد وإبراهيم أراهما قد استوحشا من ناحيتي، وإني لأحب أن يأنسا بي وأن يأتياني، فأصلهما وأخلطهما بنفسي.
  قال: وعبدالله مطرق طويلاً ثم رفع رأسه، فقال: وحقّك يا أمير المؤمنين ما لي بهما ولا بموضعهما من البلاد عِلْم، ولقد خرجا من يدي، فيقول أبو جعفر: لا تفعل يا أبا محمد، اكتب إليهما أو إلى من يوصل كتابك إليهما، قال: وامتنع أبو جعفر ذلك اليوم من عامة الغداء إقبالاً على عبدالله، وعبدالله يحلف ما يعرف مكانهما، وأبو جعفر يكرر عليه: لا تفعل يا أبا محمد.
  قال: وكان شدة هرب محمد من أبي جعفر أن أبا جعفر كان قد عقد له بمكة مع المعتزلة، فهذا أبو جعفر قد نكث البيعة مضافاً إلى ما ركب من المعاصي، وقد كان لا يدع لله حرمة فيما يشد سلطانه الذي فارقه وبقيت تبعته.