[ذكر الخروج ببني الحسن (ع) لقتلهم]
  بوصوله أخلى له المكان وجلس على اللبود، وكان من تعظيمه ما عجب له الحاضر وبلغه الغائب، ورجع من ناحية البصرة بكلمة قالها لما لقيه عمرو، قال: هل عندكم يا أبا عثمان أحد تخافه علينا؟ قال: لا، قال: فأرجع، قال: ارجع، فرجع، وقد بلغه أن محمد بن عبدالله # دخل البصرة فبادر مسرعاً في الجيش إلى البصرة، وقد كان محمد بن عبدالله خرج من البصرة، فلما لقيه عمرو بن عبيد قال له: ما قدمنا، وقال فيه أبو جعفر لما عرض عليه المال فلم يقبل:
  كلنا يمشي رُوَيْد ... كلنا يطلب صَيْد
  غير عمرو بن عبيد
  فالكل من أهل البيت من العترة المقدّسة وغيرهم من سائر الأقارب يدينون بالعدل والتوحيد، نقول بذلك فيهم وإن عَادَوْنا، والآثار منهم مشحونة بذلك معلومة لمن علم أحوالهم ضرورة.
  فأما هذا القاعد اليوم ببغداد فهو صوفي مع الصوفية، وإمامي مع الإمامية، وقدري مع القدرية، وجبري مع الجبرية، ومرجي مع المرجئة، كل هذا لكلال الحدّ وقلّة المبالاة بالدين.
  وروينا من أمالي السيد أبي طالب يحيى بن الحسين # بالإسناد المقدم، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني | إملاء، قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن فروخ، قال: سمعت محمد بن يحيى الصولي يقول: سمعت محمد بن القاسم أبا العينا يقول - وقد تذاكرنا ذهاب بصره - قال: كان أبو جعفر - يعني الدوانيقي - دعا جدي وكان في نهاية الثقة به والعقل عنده، فقال له: قد ندبتك لأمر عظيم عندي موقعه، وأنت عندي كما قال أبو ذؤيب:
  ألكني إليها وخير الرسول ... أعلمهم بنواحي الخبر(١)
(١) ألكني إليها: ألكني إلى فلان: أبلغه عني، أصله الأكني، حذفت الهمزة وألقيت حركتها على ما قبلها، والملأك: الملك لأنه يبلغ عن الله، وزنه مفعل، والعين محذوفة ألزمت التخفيف إلا شاذاً. =