[الإمام المهدي محمد بن عبدالله بن الحسن (ع)]
  يطمع في كل مطمع، فلما طالت على رياح المدة أمر إلى أبي جعفر أنك أمرت موسى بن عبدالله جاسوساً لك على أخويه وهو لهما جاسوس علينا، فلما بلغ إليه كتابه أمر إليه أن يستوثق من موسى وينفذه إليه ففعل ذلك.
  فلما علم محمد بن عبدالله # شهر نفسه، وأنفذ من رَدّ موسى، وكان ظهوره بالمدينة بعد استتاره الدهر الأطول، وإنفاذه الدعاة إلى الآفاق، وظهور دعوته بخراسان، ومبايعة جمهور أهلها له # لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين ومائة، وروي في غرة رجب.
  فخرج # وعليه قلنسوة صفراء وعمامة فوقها، متوشحاً سيفاً، وهو يقول لأصحابة: لا تقتلوا لا تقتلوا، ودخل المسجد قبل الفجر فخطب الناس، ولما حضرت الصلاة نزل فصلى، وبايعه الناس طوعاً إلا شرذمة، وهرب رياح بن عثمان المري عامل أبي جعفر على المدينة وصعد سطح دار مروان فأمر بهدم الدرجة، فصعد إليه من أخذه من هناك، وجاءوا به إليه # فسأله عن أخيه موسى، فقال: أنفذته إلى أبي جعفر، فبعث جماعة من الفرسان خلفه فلحقوه فردّوه إليه.
  وخرج منها إلى مكة وبويع هنالك، وعاد إلى المدينة، وكان شعاره أحد أحد(١)، ووجّه أخاه إبراهيم إلى البصرة، وبقي على أمره إلى شهر رمضان، وقد كان عمرو بن عبيد وأعيان المتكلمين بايعوه، وبايعه علماء البصرة بعد أن وقفوا على غزارة علمه وسعة فهمه، واجتمع عليه الزيدية والمعتزلة والعلماء من أهل الفقه والمعرفة، وعلموا دعاءه إلى العدل والتوحيد وإقامة عمود الإسلام.
  وقد كان أبو جعفر من جملة من بايعه، وبايعه جعفر بن محمد # وخرج معه ثم أكبّ على رأسه فقبله واستأذنه في الرجوع إلى منزله لسنّه وضعفه،
(١) هكذا على الحكاية. إملاء الإمام الحجة/مجدالدين المؤيدي #.