[كتاب عيون الفنون]
= قلت: الجواب في البيضاوي ما لفظه: وفي الإمام نجي فلذلك أخفى الجماعة النون الثانية فإنها تخفى مع حروف الفم، قلت: وهذا على قراءة تخفيف الجيم وسكون الياء، قال: وقرأ ابن عامر، وأبو بكر بتشديد الجيم على أن أصله: نُنَجّي فحذفت النون الثانية كما حذفت التاء في (تظّاهرون) وهي وإن كانت فاء فحذفها أوقع من حروف المضارعة التي لمعنى، ولا يقدح فيه اختلاف حركتي النونين فإن الداعي إلى الحذف اجتماع المثلين مع تعذر الإدغام لتحرك المثلين، واعلم أن ظاهر كلام الإمام # أنها كتبت في المصحف بنون واحدة مع ثبوتها لفظاً، وجوابه ما أفاده البيضاوي من أنها كتبت بنون واحدة للتخفيف، وفي الكشاف: نُنْجِي، ونُنَجّي، ونُجّي.
قلت: والإشكال في القراءة الأخيرة التي بنون واحدة مضمومة مع تشديد الجيم، وسكون الياء، وذلك لا يخلو إما أن يحمل على أنه مضارع انجى فإدغام النون في الجيم غير وارد، وإما أنه فعل ماض مبني للمفعول فيشكل عليه سكون الياء، ونصب المؤمنين، وقد خرّج على أنه كذلك أي: فُعِّل مغير الصيغة، وأسكنت ياؤه، وأقيم مصدره أي النجا مقام الفاعل، ونَصَبَ المؤمنين به، وقد حكى جار الله هذا التوجيه، وحكم عليه بأنه متمحل متعسّف، وقال أبو علي الفارسي: راوي هذه القراءة عن عاصم غالط فإنه قرأ بنونين كما روى حفص عنه، ولكن النون الثانية تخفى مع الجيم، ولا يجوز تبيينها فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام وظن أنه إدغام، ويدل على هذا إسكانه الياء من نجي، قلت: وقد رد المحقق العلوي على الزمخشري وأبي علي فقال: ماذكره المصنف وأبو علي ضعيف، ولا بعد في تخفيف الياء بالإسكان، وإقامة المصدر مقام الفاعل؛ لأن اقتضاء الفعل للمصدر أبلغ من اقتضائه للمفعول به؛ لأن كل فعل لازم ومتعد لا بد له من مصدر إلا ما شذّ، وإذا أقيم المصدر نصب المؤمنون بالفعل؛ لأن المصدر قائم مقام الفاعل، فبقي المؤمنون مفعولاً به صريحاً، وتقديره: نجي النجا المؤمنين، أو نقول: نجي مضارع، وأدغم نونه في الجيم، وأصله: ننجي، ونقول: هذه القراءة تدل على جواز هذا الإدغام؛ فإن العربية تؤخذ من القرآن لفصاحته، وقول من يقول مثله: لم يجئ عن العرب مشيراً إلى أنه أحاط بجميع كلام العرب، فيه تحجّر واسع.
قوله #:
السؤال العاشر - وما الحروف التي هي من حروف المعجم إذا ابتدئ بها فلا ظاء معها ثابتاً - وفي نسخة: ثانياً - للذي ابتدئ بها؟
قلت: الجواب أفاد ذلك في حواشي القاموس حيث قال: إنّ بعضَ الأبواب مستكمل الفصول ثمانية وعشرين، وبعضها وهو الظاء سقط منه عشرة فصول وهي: التاء - والثاء - والذال - والزاي - والسين - والصاد - والضاد - والطاء - والظاء - والهاء. انتهى.
ومتى ثبت أنها غير ثابتة معها فقد صدق أنها غير ثانية لها، على أن ثمة أربعة أحرف من غير هذه الساقطة إذا ابتدئ بها فلا يوجد الظاء ثانياً لها مع كون اللام الظاء، وهي كما تُتُبِّع: القاف، والنون، والواو، والياء.
=