[جواب الإمام يحيى بن عبدالله (ع) على كتاب هارون]
  أهله، وقتلوهم ظلماً، يناشدونهم فلا يُجابون، ويستعطفونهم فلا يرحمون، ثم تهادوا رأسه إلى يزيد الخمور والفجور تقرباً إليه، فبعداً للقوم الظالمين.
  ثم توجّهت جماعة من أهل العلم والفضل إلى جستان في جيش فتذاكروا ما حلّ بهم من ابن مروان فخلعوه وبايعوا الحسن بن الحسن ورأسوا عليهم ابن الأشعث إلى أن يأتيهم أمره، فكان رأسهم غير طائل ولا رشيد، نصب العداوة للحسن قبل موافاته، فتفرقت عند ذلك كلمتهم، وفُلّ حدهم؛ فمُزقوا كل ممزق.
  فلما هزم جيش الطواويس احتالوا بجدي الحسن بن الحسن فمضى مسموماً يتحسى الحسرة، ويتجرّع الغيظ - رضوان الله عليه -.
  حتى إذا ظهر الفساد في البر والبحر شرى زيد بن علي # لله نفسه، فما لبث أن قُتل ثم صُلب ثم أُحرق؛ فأكرم بمصرعه مصرعاً.
  ثم ما كان إلا طلوع ابنه يحيى # ثائراً بخراسان، فقضى نحبه، وقد أعذرا - رضوان الله عليهما -.
  وقد كان أخي محمد بن عبدالله دعا بعد زيد وابنه @ فكان أول من أجابه وسارع إليه جدك محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وإخوته وأولاده؛ فخرج بزعمه يقوم بدعوته حتى خدع بالدعاء إليه طوائف، ومعلوم عند الأمة أنكم كنتم لنا تدعون، وإلينا ترجعون، وقد أخذ الله منكم ميثاقاً لنا، وأخذنا عليكم ميثاقاً لمهدينا محمد بن عبدالله النفس الزكية، الخائفة التقية المرضية.
  فنكثتم ذلك وادعيتم من إرث الخلافة ما لم تكونوا تدّعونه قديماً ولا حديثاً، ولا ادّعاه أحد لكم من الأمة إلا تقولاً كاذباً، فها أنتم الآن تبغون دين الله عوجاً، وذرية رسول الله قتلاً واجتياحاً؛ فمتى ترجعون وأنى تؤفكون.
  أو لم يكن لكم خاصة، وللأمة عامة، في محمد بن عبدالله فضل؟ إذْ لا فضل يعدل فضله في الناس، ولا زهد يشبه زهده في الناس، حتى ما يتراجع فيه اثنان، ولا يتراد فيه مؤمنان، ولقد أجمع عليه أهل الأمصار من أهل الفقه والعلم في كل