كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام يحيى بن عبدالله (ع) على كتاب هارون]

صفحة 585 - الجزء 1

  أجزاء القرآن تجزية لما عانوا في آناء الليل والنهار، حين الشتاء والصيف حال أوقات الصلاة، قرماً منه إلى قتلهم، وقطعاً منه لأرحامهم، وَتِرَةً لرسول الله ÷ فيهم.

  فولغ في دمائهم ولغان الكلاب، وضري بقتلهم صغيرهم وكبيرهم ضراوة الذئاب، ونَهم بهم نهم الخنزير، والله له ولمن عمل بعمله بالمرصاد.

  فلما أهلكه الله قاتلتنا أنت وأخوك الجبار الفظ الغليظ العنيد بأضعاف فتنته، واحتذاء سيرته، قتلاً وعذاباً، وتشريداً وتطريداً، فأكلتمانا أكل الرُّبَّا⁣(⁣١) حتى لفظتنا الأرض خوفاً منكما، وتأبّدنا بالفلوات⁣(⁣٢) هرباً عنكما، فأَنِسَتْ بنا الوحوش وأنسنا بها، وألفتنا البهائم وألفناها، فلو لم تجترم أنت وأخوك إلا قتل الحسين بن علي وأسرته بفخّ لكفى بذلك عند الله وزراً عظيماً، وستعلم وقد علم ما اقترف، والله مجازيه، وهو المنتقم لأوليائه من أعدائه.

  ثم امتحننا الله بك من بعده فحرصت على قتلنا، وظلمت الأول والآخر منا، لا يؤمّنك منهم بعد دار ولا نأي جار، تُتْبِعُهم حِيَلَك وكيدك حيث تستروا من بلاد الترك والديلم، لا تسكن نفسك ولا يطمئنّ قلبك دون أن تأتي على آخرنا، ولا تدع صغيرنا، ولا ترثى لكبيرنا؛ لئلا يبقى داعٍ إلى حق، ولا قائل بصدق، ولا أحد من أهله.

  حتى أخرجك الطغيان، وحملك الشنآن على أن أظهرت بغضة أمير المؤمنين وأعلنت بنقصه، وقرّبت مبغضيه، وآويت شانيه، حتى أربيت على بني أمية في عداوته، وأشفيت غلتهم في تناوله، وأمرتَ بكرب قبر الحسين بن علي ª وتعمية موضعه، وقتل زواره، واستئصال محبيه، وأوعدت زائريه، وأرعدتَ وأبرقتَ على ذكره؛ فوالله لقد كان بنو أمية الذين وضعنا آثارهم مثلاً لكم،


(١) قوله الربّا: الربّا كحبلى الشاة إذا ولدت وإذا مات ولدها، والحديثة النتاج، والإحسان والنقمة والحاجة والعقدة المحكمة، الجمع: رُبات بالضم نادر، والمصدر ككتاب. انتهى من القاموس.

(٢) أي توحشنا. انتهى إملاء الإمام الحجة/ مجدالدين المؤيدي #.