[كتاب عيون الفنون]
= قوله #:
السؤال السادس عشر - وبيّن الهمزة إذا تقدمت ما حالها؟ وما حالها إذا توسطت؟ وما حالها إذا تأخرت؟ وبأي حرف تصور في جميع ذلك؟
قلت: الجواب أما حالها باعتبار التخفيف فإنها إذا تقدمت فلا تخفف بإبدال، ولا حذف، ولا بين بين[١]، والمراد إذا كانت في ابتداء الكلام؛ لأنها تخفف في ابتداء الكلمة بالحذف نحو: (قد أفلح) والقلب في (الهدى ائتنا) أمر من الإتيان اجتمع فيه همزة الوصل المكسورة وهمزة الفعل الساكنة في الأمر، قلبت الثانية ياءً لسكونها وكسر ما قبلها، ثم اتصل به الهدى فسقطت همزة الوصل من أوله فعادت الهمزة الثانية المنقلبة ياءً؛ لزوال موجب القلب؛ فالتقى ساكنان ألف هدى والهمزة العائدة، فحذفت ألف هدى؛ لكونها في الآخر والتغيير به أولى، فصار إلى الهدئتنا بهمزة ساكنة بعد الدال فانقلبت ألفاً فصار إلى الهداتنا، وهذه قراءة ورش والسوسي وأبي جعفر، أي: بإبدالها ألفاً سواء وقفوا على (ائتنا) أم وصلوها بما بعدها، وكذا حمزة إذا وصل الهدى بائتنا ووقف عليها، أما عند الوقف فجميع القراء يبتدئون بهمزة وصل مكسورة مع إبدال همزة ائتنا حرف مد، أي ياء ساكنة، وكذا قوله: أوتمن فعل ماضٍ مجهول الفاعل من الايتمان، قلبت الثانية واواً لسكونها وانضمام ما قبلها، ولما اتصلت بها الذي سقطت همزة الوصل، فعادت الثانية، فالتقى ساكنان: الهمزة العائدة وياء الذي، فحذفت ياء الذي، فصار الذئتمن، فقلبت ياء فصار الذيتُمن، وفي الكشاف: والقراءة أن تنطق بهمزة ساكنة بعد الذال أو ياء ... الخ، ونحوه. قال الرضي: وإنما لم تخفف (إذن) لأن إبدالها بتدبير حركة ما قبلها، وكذا حذفها بعد نقل حركتها إلى ما قبلها، وكذا المجعولة بين بين البعيد تدبّر بحركة ما قبلها، وإذا كانت في ابتداء الكلام لم يكن قبلها شيء، وأما بين بين المشهور فلقربها من الساكن، والمبتدأ به لا يكون ساكناً، ولا قريباً منه، ولم تخفف نوعاً آخر من التخفيف أي: كقلبها حرفاً من جنس حركتها غير الثلاثة الأنواع المذكورة؛ لأن المبتدأ به خفيف، على أنه قد قلبت الهمزة في بعض المواضع في الابتداء هاء، كهرخت وهرقت، وهياك، وذلك قلب شاذ.
وإذا لم تتقدم بأن توسطت أو تأخرت فخففها أكثر أهل الحجاز، ولا سيما قريش، روي عن أمير المؤمنين #: (لولا أن جبريل # نزل بالهمزة على النبي ÷ ما همزنا)، وحققها غيرهم على الأصل، والأقسام والأحكام مبسوطة في الشافية وشروحها، وستأتي الإشارة إلى ذلك في ذكر أحوالها في الكتابة، وفي هذا كفاية.
=
[١] بين بين قسمان: مشهور، وهو: ما يكون بين الهمزة وبين حرف حركتها، كما تقول في: (سُئل) بين الهمزة والياء، وغير مشهور، وهو: ما يكون بينها وبين حرف حركة ما قبلها، كما تقول: (سؤل) بين الهمزة والواو.
هذا، ولفظ (بين) من الأمور الإضافية فتقتضي التعدد ولهذا كُرّرت، والغالب عليها النصب على الظرفية، لكنها هنا مبنية لتضمن حرف العطف أي: الواو، كما في: جاري بيت بيت، والمراد هنا: بين كونها همزة حقيقية وبين حرف بين على الوجهين. تمت من المؤلّف الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.