كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[خطبة الإمام يحيى بن عبدالله (ع) لما اجتمع بالذين جاءوا إلى جستان ليشهدوا عليه]

صفحة 589 - الجزء 1

[خطبة الإمام يحيى بن عبدالله (ع) لما اجتمع بالذين جاءوا إلى جستان ليشهدوا عليه]

  فلما اجتمعوا عليه، قام فقال: الحمد لله على ما أَوْلانا من نعمه، وأبلانا من محنه، وأكرمنا بولادة نبيه، نحمده على جزيل ما أولى، وجميل ما ابتلى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، انتخبه واصطفاه، واختاره واجتباه - ~ وعلى آله أجمعين -، أما بعد:

  معاشر العرب فإنكم كنتم من الدنيا بشر دار، وضنك قرار، ماؤكم أجاج، وأكلكم لماج، من العِلهز والهبيد⁣(⁣١)، الأعاجم لكم قاهرة، وجنودهم عليكم ظاهرة، لم يمنعهم من تحويلكم من بلدكم إلا قلّة خير بلدكم، أنتم مع الدنيا بمنزلة السَّقْب⁣(⁣٢) مع الناب الضروس⁣(⁣٣)، متى دنا إليها لينال من درّها منعته، إن أتاها من أمامها خبطته، أو من ورائها رمحته، أو من عرضها عضته؛ فما عسى أن يصيب منها. على تفرق شملكم، واختلاف كلمتكم، لا تحلّون حلالاً، ولا تحرمون حراماً، ولا تخافون أثاماً، قد ران الباطل على قلوبكم فلا تعقلون، وغطت الغيرة على أبصاركم فما تبصرون، واستكت الغفلة على أسماعكم فما تسمعون، على أن عودكم نضار⁣(⁣٤)، وأنكم ذو الأخطار، ثم مَنّ الله عليكم، وخصّكم دون غيركم؛ فبعث فيكم محمداً ÷ منكم خاصة، وأرسله للناس كافة، وجعله بين أظهركم ليميز به بينكم، وهو تعالى أعلم بكم منكم،


(١) قوله أجاج: أي ملح مرّ، واللماج كسحاب أدنى ما يؤكل، والعلهز بالكسر: طعام من الدم والوبر كان يُتخذ في المجاعة. انتهى من القاموس.

والهبيد الحنظل يكسر ويستخرج حبه وينقع لتذهب مرارته، ويتخذ منه طبيخ يؤكل عند الضرورة. انتهى من النهاية.

(٢) قوله السقب: هو ولد الناقة، أو ساعة يولد، أو خاص بالذكر. أفاده القاموس.

(٣) الناب: الناقة المسنّة، والضروس الناقة سيئة الخلق تعض حالبها. أفاده القاموس.

(٤) النضار بالضم: الجوهر الخالص من التبر والخشب والأثل ... إلخ. أفاده القاموس. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين المؤيدي #.