[خطبة الإمام يحيى بن عبدالله (ع) لما اجتمع بالذين جاءوا إلى جستان ليشهدوا عليه]
  وأغصان هو فرعها، تفخرون على العجم، وتصولون على سائر الأمم، وقد عاقدتموه وعاهدتموه أن تمنعوه وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم.
  فسوأة لكم ثم سوأة؛ بأي وجه تلقونه غداً، وبأي عذر تعتذرون إليه، أبقلّة؟ فما أنتم بقليل، أفتجحدون؟ فذلك يوم لا ينفع جحد، ذلك اليوم يوم تبلى فيه السرائر، أم تقولون: قتلناهم؟ فمُصَدَّقُون، فيأخذكم الجليل أخذ عزيز مقتدر.
  لقد هدمتم ما شيد الله من بنيانكم، وأطفأتم ما أنار الله من ذكركم، فلو فعلت السماء ما فعلتم لتطأطأت إذلالاً، والجبال لصارت دكاً، والأرض لمارت موراً، إني لأعجب من أحدكم يقتل نفسه في معصية الله، ولا ينهزم، يقول بزعمه لا تتحدث نساء العرب بأني فررت.
  وقد تحدثت نساء العرب بأنكم خفرتم أمانتكم، ونقضتم عهودكم، ونكصتم على أعقابكم، وفررتم بأجمعكم عن أهل بيت نبيئكم، فلا أنتم تنصرونهم للديانة وما افترض الله عليكم، ولا من طريق العصبية والحمية، ولا بقرب جوارهم، وتلاصق دارهم منكم، ولا أنتم تعتزلونهم فلا تنصرونهم ولا تنصرون عليهم عدوّهم.
  بل صيرتموهم لحمة(١) لسيوفكم، ونهزاً(٢) لشفاء غيظكم من قتلهم واستئصالهم، وطلبهم في مظانّهم ودارهم وفي غير دارهم؛ فصرنا طريدة لكم من دار إلى دار، ومن جبل إلى جبل، ومن شاهق إلى شاهق.
  ثم لم ينفعكم ذلك حتى أخرجتمونا من دار الإسلام إلى دار الشرك، ثم لم
(١) اللحمة: قيل هي في النسب بالضم، وفي الثوب بالضم والفتح، وقيل الثوب بالفتح وحده، وقيل النسب والثوب بالفتح وحده، وأما بالضم فهو ما يُصاد به الصيد. أفاده في النهاية وفي مختار الصحاح. ولحمة البازي ما يُطعم مما يصيده. انتهى، وهذا هو الأقرب لما هنا. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٢) النهزة كالفرصة وزناً ومعنى. انتهى من مختار الصحاح.