[ذكر قصة إبراهيم بن شكله المتسمي بالمهدي]
  وهكذا يرزق أجناده ... خليفة مصحفه بَربط(١)
  ولما دخل المأمون بغداد بعد سمّه علي بن موسى الرضا # وقبره بطوس إلى جنب قبر أبيه إلى الآن، والدولة العباسية ومنشأ الدولة العباسية خراسان، فلا يعرف أن هناك هارون بل يُداس بالنعال لزيارة علي بن موسى الرضا، ولا يُنسب المشهد إلا إلى علي بن موسى الرضا #:
  لو عُدّ قبر وقبر كنت أرفعهم ... ميتاً وأنآهم بيتاً عن الذام(٢)
  ولنرجع إلى قصة إبراهيم بن شكلة المتسمي بالمهدي، لما دخل المأمون بغداد واستتر إبراهيم بن المهدي حتى لزمه بعض الحرس ثالث امرأتين قد تزيّا بزي النساء؛ فأمر المأمون بإحضاره على هيئته وعفا عنه، قال: اخلع نفسك، قال: يكون يوم الجمعة؛ فارتقى المنبر والعود في كمّه والناس ينظرون الخطيب، فأخرج العود وضرب.
  والقصص تطول وبعضها يدخل في بعض، والمراد بيان حال القوم ليتدبر متدبر ويتذكّر متذكر؛ إذا كان هؤلاء أفاضلهم والصدر الأول منهم، فما حال من دونهم والله المستعان.
  لما بلغ المأمون علم عشرة من أهل البصرة قد سُموا له وعُينوا رُموا بالزندقة أمر بحملهم إلى بغداد، فلما اجتمعوا نظر إليهم طفيلي وقال: ما اجتمع هؤلاء إلا لمأدبة وطعام، فمضى القوم ومضى معهم وهو لا يعلم حتى صار الموكلون بهم إلى البحر ودُعي بزورق، قال الطفيلي: إنهم يريدون نزهة وقد أولموا لها وليمة لا شك فيها.
(١) في النهاية عن علي بن الحسين: لا قُدِّست أمة فيها البربط، أبو بربط ملهاة تشبه العود، وهو فارسي معرب، وأصله: بربت؛ لأن الضارب يضعه على صدره، واسم الصدر: بر. وفي القاموس: البربط كجعفر: العود معرّب، بربط أي صدر الإوَز لأنه يشبهه.
(٢) الذام بالمعجمة: العبث، والذم ذامه يذيمه ذيماً وذاماً فهو مذيم ومذيوم. أفاده القاموس.