كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر قصة إبراهيم بن شكله المتسمي بالمهدي]

صفحة 619 - الجزء 1

  قال: فدخلت معهم فما كان أسرع إلى أن جيء بالقيود فقُيِّدوا وقُيدت معهم، قال الطفيلي: بلغ بي تطفيلي إلى القيد، ثم ساروا بهم إلى بغداد، فأوقفوا بين يدي المأمون فجعل يدعوهم بأسمائهم واحداً واحداً ويضرب أعناقهم حتى بلغوا إلى الطفيلي بعد أن استوفى العدد، فقال للموكلين بهم: من هذا؟ فقالوا: والله ما ندري غير أنا وجدناه مع القوم فجئنا به. فقال له المأمون: ما خبرك؟ قال: يا أمير المؤمنين امرأته طالق إن كان يعرف من أقوالهم شيئاً غير شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ÷ وإنما أنا طفيلي؛ فلما رأيتهم مجتمعين ظننتُ أنهم مجتمعون لصنيع فسرت معهم لأنال من صنيعهم شيئاً؛ فضحك المأمون، ثم قال: أما هذا فيؤدّب.

  وكان إبراهيم بن المسمى بالمهدي عمّ المأمون في المجلس، فقال: يا سيدي هب لي أدبه وأحدثك بحديث عن نفسي. فقال: قل يا عم. فقال: خرجتُ يوماً فجعلت أطوف في سكك بغداد متطرباً حتى انتهيت إلى موضع فشممت رائحة قدور فتاقت نفسي إليها وإلى طيب رائحتها، فرفعت إلى خياط فقلت: لمن هذه الدار، فقال: هي لفلان. فرميتُ بطرفي إلى الجناح فإذا فيه شبابيك فنظرتُ إلى كفّ قد خرجت من تلك الشبابيك ومعصم ما رأيتُ مثله قط؛ فشغلني يا أمير المؤمنين حسن الكف والمعصم عن رائحة القدور، فبقيت باهتاً، فقلت للخياط: هو ممن يشرب؟ قال: نعم، وأحسب اليوم عنده دعوة، وليس يدعو إلا رجالاً مثله مستورين، فإني لكذلك يا أمير المؤمنين إذ أقبل رجلان من رأس الدرب، فقال لي الخياط: هذان من ندمائه وسمّاره، فقلت: ما اسمهما، فقال: فلان وفلان؛ فحثثتُ دابتي، وقلت: جعلت فداكما استبطأكما سيدي أبو فلان، وسايرتهما حتى انتهينا إلى الباب؛ فدخلا ودخلت معهما؛ فلما رآني صاحب المنزل لم يشك أني معهما ومنهما بسبيل أو قادم قدم عليهما فرحب بي وسهّل وأجلسني في أجلّ موضع، فجاءنا يا أمير المؤمنين بمائدة عليها خبز نظيف ثم أتتنا تلك