[ذكر بعض مما رثي به الإمام يحيى بن عمر (ع)]
  فإني إلى أن يدفن القلب داءه ... ليقتلني الداء الدفين لأحوج
  عفاء على دار ظعنت لغيرها ... فليس بها للصالحين معرج(١)
  ألا أيها المستبشرون بموته ... أظلت عليكم غمة لا تفرج
  أكلكمو أمسى اطمأنّ مهاده ... بأن رسول الله في القبر مزعج
  فلا تشمتوا وليخسأ المرء منكمو ... بوجه كأن اللون منه اليرندج(٢)
  فلو شهد الهجيا بقلب أبِيِّكُم ... غداة التقى الجمعان والخيل تمعج(٣)
  لأعطى يد العاني أو ارمدَّ هارباً ... كما ارمدَّ بالقاع الظليمُ المهيج(٤)
  ولكنه ما زال يغشى بنحره ... شبا الحرب حتى قال ذو الجهل أهوج
  وحاش له من تلكمو غير أنه ... أبى خطة الخسف التي هي أسمج
  وأين به عن ذاك لا أين إنه ... إليه بعرقيه الزكيين مُحْرجُ
  كدأب علي في المواطن قبله ... أبي حسن والغصن من حيث يخرج
  كأني به كالليث يحمي عرينه ... وأشباله لا يزدهيه المهجهج(٥)
  كأني أراه والرماح تنوشه ... شوارع كالأشطان تدلى وتخلج(٦)
  كأني أراه إذ هوى عن جواده ... وعفر بالترب الجبين المشجج
  فحب به جسماً إلى الأرض إذ هوى ... وحب بها روحاً إلى الله تعرج
(١) معرج: المعرج ما يمال إليه ويقام به.
(٢) اليرندج: الصبغ الأسود.
(٣) تمعج: أي تموج وتسرع العَدْو.
(٤) ارمد: أي أسرع في عدوه. والظليم: الذكر من النعام.
(٥) لا يزدهيه: أي لا يستخفه. والمهجهج: الذي يصيح به ليزجره.
(٦) تنوشه: تتناول، شوارع: متسددة الوجه إليها. والأشطان: الحبال الطويلة. تدلى وتخلج: تنزل وتنزع.