[ذكر بعض مما رثي به الإمام يحيى بن عمر (ع)]
  توامضه شمس الضحى فكأنما ... يرى البحر في أعراضه يتموج
  له وقدة بين السماء وبينه ... تلم به الطير العوافي فتهزج(١)
  إذا كرَّ في أعراضه الطَّرف أعرضت ... حراج تحار العين فيه فتحرج(٢)
  تؤيده ركنان ثبتان رجلة ... وخيل كأرسال الجراد وأوثج(٣)
  عليها رجال كالليوث بسالة ... بأمثالهم يثنى الأبي فيعنج(٤)
  تدانوا فما للنقع فيهم خصاصة ... تُنَفسه عن خيله حين ترهج(٥)
  فلو حصبتهم بالفضاء سحابة ... لظل عليهم حصبها يتدحرج(٦)
  كأن الزُّجاج اللهذميات فيهمو ... فتيل بأطراف الرديني يسرج(٧)
  يود الذي لاقوه أن سلاحه ... هنالك خلخال عليه ودملج(٨)
  فيدرك ثأر الله أنصار دينه ... ولله أوس آخرون وخزرج
= بريق ولمعان. لا يسطيعهن المحمج: أي لا يقدر على مقاومتها من يحدق نظره فيها لشدة لمعانها.
(١) وقدة: الوقدة شدة الحر. ولعل المراد بالعوافي الكثيرة كما فسر قوله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا}[الأعراف: ٩٥]، أي كثروا.
(٢) كر: أي أجيل. أعراضه: أعاليه. الطرف: البصر. أعرضت: اعترضت له وظهرت. والحراج جمع حرجة، وهو: مجتمع الشجر فتحرج يقال: حرجت عينه تحرج حرجاً إذا لم تستطع أن تطرف.
(٣) الرجلة: جمع راجل وهو الماشي. والأرسال: جمع رسل وهو القطيع. وأوثج: أفعل تفضيل من وثج ككرم بمعنى كثف.
(٤) يثنى الأبي: أي يرد الشجاع الممتنع على مقاتلته. ويعنج: من عنج البعير جذبه بخطامه حتى رفعه وهو راكب عليه.
(٥) تدانوا: تقاربوا. والنقع: الغبار. والخصاصة: الفرجة. تنفسه: تكشفه. ترهج: تثير الغبار.
(٦) حصبها: بردها الذي ترمي به.
(٧) الزجاج: جمع زج وهو الحديدة التي تركب في أسفل الرمح. واللهذميات: الرماح المركب فيها اللهاذم، واللهذم: السنان القاطع. الرديني: الرمح نسبة إلى ردينة. والمسرج: الموقد.
(٨) الدملج: حلية تلبس في العضد.