[الإمام الناصر لدين الله الحسن بن علي الأطروش (ع)]
  إليه فقبل عذرهم وتوفر عليهم وحفظهم، ولما دخل البلد امتد إلى جامعها فصعد المنبر وخطب خطبة بليغة وعظهم فيها وعنفهم على سوء فعلهم معه واجتهادهم في عداوته ومطابقتهم لأعدائه، ثم عرفهم أنه قد عفا عنهم وأضرب عن خيانتهم وآمن كبيرهم وصغيرهم.
  وسار حتى نزل دار الإمارة التي كانت لمحمد بن زيد الداعي - رضوان الله عليه - وقد كان من قوله في خطبته: آهٍ آهٍ في الصدر حزازات لم يشفها قتلى نورود، فقالوا: يا ابن رسول الله، فما تبتغي وعلى من تبكي؟ قال: أبكي لقوم هلكوا في الحبوس، ولقوم فرق بين أجسادهم والرؤوس، ولقوم مزقوا تحت أديم السماء.
  وكان دخوله آمل سنة ثلاث وثلاثمائة، وتمكن من طبرستان كلها من شالوس إلى سارية وأعمالها، ومن الرويان وكلار وما يتصل بها، ورتب العمال في البلدان والنواحي، واستمرت الأوامر في سهول الجيل والديلم وجبالها وطبرستان وأعمالها.
  وكان # يرد بين الصفين متقلداً مصحفه وسيفه ويقول: أنا ابن رسول الله وهذا كتاب الله؛ فمن أجاب إلى هذا وإلاّ فهذا، ومن قوله # في بعض مقامات القتال:
  شيخ شرى مهجته بالجنهْ ... واستن ما كان أبوه سنّهْ
  ولم يزل علم الكتاب فنّهْ ... يقاتل الكفار والأظنهْ
  بالمشرفيات وبالأسنهْ
  ومن شعره #:
  حسبي من البيض الملا ... ح عناق سيفي واحتضانه
  عضب إذا عدم الكمـ ... ـيُّ الريق ينفعني أمانه
  وكأن جرى في جسمه ... من بعد تصفية دخانه