[الإمام المهدي لدين الله محمد بن الإمام الداعي الحسن بن القاسم (ع)]
  ولما بلغ معز الدولة علم فراقه لبغداد اغتم غماً شديداً، وعاتب بختيار عتاباً شديداً طويلاً؛ لأنه ظن أنه خرج لوحشة عرضت له من جهته.
  ولما خرج أخذ على طريق الشهرزور، ووقع إلى موضع يعرف بالتتر وأخذ من هناك دليلاً حتى وصل إلى مايادر بالروذيار، فلما عرف مايادر خبره استقبله في البرية في الموضع المعروف بين رمى من أرض الديلم، وذلك في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.
  وتتابع إليه المسلمون من أهل الديلم وجبلها وقوم من الجيل وطبرستان فبايعوه، وبث الدعاة في النواحي، ولحق به أبو محمد الحسن بن الناصر من الري وهو ابن أخيه، وهزم ابن الثائر من آمل وأعمالها، والجأه إلى قلعة كانت وراء هوسم، وتمكن ¥ من هوسم، ونفذ أمره في الديلم وانقاد له كثير من الجيل.
  ومن تأثيره العظيم في باب الدين وإن كانت آثاره في الإسلام حسنة - فسلام الله على روحه - أن الديلم كانوا يعتقدون أن من يخالف القاسم # في أقواله وفتاويه فهو ضال، وكل قول يخالف قوله في الفروع ضلالة، والجيل يعتقدون مثل هذا في قول الناصر # ولم يكن سمع هناك قبل دخوله إلى تلك الناحية أن كل واحد من القولين حق.
  فأظهر # هذا المذهب وأيده بالحجة وبين أن كل واحد من القولين صواب، وتكلم فيه وبينه، وناظره قوم ممن هو معدود في جملة الفقهاء من الجيل والديلم فقطع شغبهم وأحال مذهبهم.
  وكان فيهم تعصب شديد في هذا الباب حتى فسق بعضهم بعضاً وربما كفروا فاعتقدوا هذا المذهب في تصويب كل واحد من القولين بعد علاج شديد؛ فلولا علمهم على سبيل الجملة أنه عالم لا يقادر علمه ولا يجارى فهمه لما انقادوا له، فأنسوا بعد ذلك واستمر فيهم التصويب للقولين ببركته #.
  واستعد ابن الثائر وجمع جموعاً كثيرة وزحف لقتاله، فلقيه # فانهزم أصحابه وثبت يضارب بسيفه حتى أحيط به وقبض عليه ابن الثائر على نهاية