[الإمام المهدي لدين الله محمد بن الإمام الداعي الحسن بن القاسم (ع)]
  الجلالة والتكرمة لما ظهر من جلالة قدره وأنه لا يقادر على تناوله بمكروه لما مكن الله من تعظيمه في النفوس.
  وكان يقاتل بالسيف، وذكر أن سيفه سيف حمزة بن عبد المطلب # الذي كان يشهد به الوقائع، وكان لا يليق شيئاً، وكان يقاتل فارساً وراجلاً قتالاً لا يقاتله أحد غيره؛ فاعتذر إليه ابن الثائر من حربه وبايعه وصار من أتباعه وأتاه أخوه زيد وسر به وقلده أمر جيشه.
  ولما غلظ أمره # نهضت عساكر المسودة من جرجان وطبرستان وخراسان ونهض # في عسكر عظيم من الجيل والديلم؛ فكان قائد جيش المسودة نصر بن محمد الأستبدار، فالتقى الجمعان واشتد القتال، فأوقع بهم ¥ فهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، وهام الأستبدار مع الأعيان من قواد الجيش على وجوههم.
  وكان الإستيلاء على طبرستان فجاءه بعض أقاربه بمكيدة أوقعها في عسكره اختلط عليه بعض أموره، فرجع بعد الظهور عن تمام قصده؛ ففزع منه الملوك فزعاً عظيماً، وانعقدت هيبته في القلوب لعظم موقعه في العلم والدين والشجاعة والشهامة مع الأبوة والبيت الرفيع.
  ذكر راوي أخبارهم عن بعض أصحاب نصر بن محمد أنه كان لا يكاد يقلع عن صفات ثباته # في تلك الوقعة وعظم نكايته، وبعضهم كان يقول: لما رأينا الراية البيضاء صعدت من الوادي نخبت(١) قلوبنا فلم نثبت وولينا، فلما كان ذلك كذلك وقع الاجتهاد الشديد والبذل العظيم حتى سقي السم فمات شهيداً إلى رحمة الله تعالى، فلم يبلغ كل ما كان في التقدير أن يبلغه؛ فدفن بهوسم وقبره هناك مشهوراً مزوراً سنة ستين وثلاثمائة.
(١) نَخُب لا فؤاد له: وقد نُخِبَ قلبه ونَخِبَ كأنما نزع من قولهم نَخَبتُ الشيء وانتخَبْتُه إذا نزعته، ومنه الانتخاب: الاختيار كأنك تنتزعه من بين الأشياء. انتهى أساس بلاغة. من إملاء الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.