[ذكر شيء من ورع واحتياط وشجاعة الإمام المؤيد بالله (ع)]
  ولما اتفق عليه في بعض حروبه الأسر من الملك شوريل لأسباب يطول شرحها اجتمع المسلمون والأفاضل والأكابر من أهل الدين والدنيا إعظاماً لأسره وقالوا للملك: لا يصلح احتباس مثله ولا تسكن الدهماء على مثل ذلك.
  وكان من قولهم: إنه شيخ ضعيف ولا نرى لك إلا الإفراج عنه؛ فلما رأى اجتماعهم على ذلك دعا بمغفره # وقال: أحصوا المواضع التي أصابها المزراق في هذا الجوشن؛ فأحصوا فبلغ نيفاً وثلاثين موضعاً، فقال: من يثبت في المعركة هذا الثبات كيف يفرج عنه.
  وعلم أن إمساكه لا يستقيم له فخلى سبيله وأخذ عوضاً عن ذلك ما يدنو من ثلاثين ألف دينار دفعها له المسلمون.
  وكان سير أسفار بالحال المشهور من الشجاعة، فكان يقول يوم آمل: لولا ثبات المؤيد بالله # مع خمسين رجلاً من الثابتين ما خلص منا إلا اليسير.
  ولما غلب # على كلار أمر وزيره أن يقرر له مال البلد فقال: عشرون ألف درهم ومائة ألف دينار، فتصفحه # فقال: كله ظلم إلا مائة وخمسة وتسعين ديناراً جزية أهل الذمة والباقي قد حططناه عنهم؛ فأعلمهم بذلك لأنهم حرروا له الضرائب التي يأخذها السلاطين دون فرائض الله سبحانه فالسلاطين يضاعفونها وهو # ردها إلى أصلها الموضوع من قبل الله سبحانه وتعالى.
  ومما حكي يوم أسره الملك شوريل أن الجرائح لما أثخنته نزل من دابته وجلس على الأرض فأتاه رجل من الظلمة يريد قتله، فقال رجل كان بقربه: مهلاً هذا السيد الإمام أبو الحسين، فقال: أقتله ولو كان نبياً؛ فلما سمع # ارتكابه للاستخفاف بالنبي وثب في وجهه وقال: كفرت يا سيء الأدب والخلق تب إلى الله ø، فهرب الرجل من بين يديه.
  ولما قُبِضَ عليه لطمه رجل من الظالمين، فعن قريب اسودت يداه وأكلتهما الآكلة، وكان عبرة للناس، وما زال يقرضهما حتى ذهبتا ومات إلى لعنة الله تعالى.