[ذكر شيء من ورع واحتياط وشجاعة الإمام المؤيد بالله (ع)]
  ولما أظهر الله أمره ونصره على عدوه وذكر بمجلس في جرجان، فقال بعض من حضر: إن الله سبحانه وتعالى يعينه على الحق وينصره، فقال عياض الثعلبي: بري من رب يعينه، وقال عقيب هذا القول بلا فصل: أوجعني بطني وتعلق ببطنه وعاد إلى داره، ومات في ليلته بلا خلاف في الرواية.
  ولما حضر الفقيه القصار الجرجاني مجلس فلك المعالي فذكر بعض من حضر أن السيد الهاروني إنما يطلب بما يفعل الدنيا وليس يعمل لله تعالى، فقال أبو عمرو: وكذلك كان أبوه علي بن أبي طالب حارب معاوية وعائشة للدنيا لا للآخرة فلما فارق ذلك المجلس وعاد إلى داره فلج في الوقت والحين، وما برز من داره حتى مات.
  وكان # ضابطاً لجنوده حسن السياسة لعسكره، فكانوا لا ينزلون على أحد بغير إذنه ولا يتناولون شيئاً من ثمار الناس إلا بثمن، ولما زحف بعسكره إلى شوريل احتبس من الناس إلى وقت الظهيرة فسأل الناسُ عن ذلك فقيل: هو يكتب وصاياه، ثم دنا # من شوريل فوقعت حرب عظيمة انجلت عن ظفره # وظهوره على عدوه.
  ولما نهض # بجنوده إلى نحو شوريل، وكان شوريل بطبرستان - عدّ # جنوده فبلغت عدتهم سبعة آلاف فيهم أهل البصائر فهزمهم # هزيمة عظيمة، وقتل منهم مقتلة كبيرة، وأخذ أسلحتهم إلى ثلاثة آلاف ترس.
  ولما أشفقت منه جنود الظالمين لما علموا من بصيرته وثبات أمره فأعمدوا إلى بذل الأموال لجنوده وأوليائه حتى خذلوا أكثرهم عليه فانتهى الحال إلى سير أسفار وكان أوثق من في نفسه فأخذ أربعين ألفاً واعتذر إلى الإمام: أن الناس قد فسدوا ولم يبق غيري وعلمت أني لا أقوم بنصرتك وحدي وخشيت المال يفوتني؛ فأمتد # إلى الري وقال:
  فررت من العِداة إلى العِداة ... وكنت عددتهم زمر الثقات