[ذكر شيء من ورع واحتياط وشجاعة الإمام المؤيد بالله (ع)]
  وقتل قابوسَ ولدُه أشرّ قِتْله، وسلبه الله ملكه لعناده لوليه وابن نبيه ÷ فخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
  وقتل أبو جعفر وقنا بن بابي والعباس السالمي والأصفهيدي بن السفاوحين وغيرهم ممن تولى أمر تلك الحرب، وهؤلاء رؤساء جنود الظالمين، وباد سائر ذلك العسكر بشؤم البغي على أئمة الهدى.
  وقد كان متوجهر جعل له # مالاً عظيماً على مسالمته فكره ذلك فلم يبق متوجهر وملوك المسودة الذين معهم وبإزائه شيئاً يقدرون عليه حتى استعدوا به، ونهض # في لقائهم؛ فلما دنا بعضهم من بعض قال # لابنه الأمير أبي القاسم ¥: استعد لقتال القوم، فذهب أبو القاسم وتأمل القوم، فأتى إليه # فقال: لا طاقة لنا بهؤلاء القوم وإنهم كالبحر الأخضر.
  فقال #: لا بد من قتالهم، فلما رأى ذلك أبو القاسم عبأ عسكره وأحكمه وبادر به في موضع يسمى دشتيرير ووقع عليهم مغافصة وصدقهم القتال فانهزموا أقبح هزيمة، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وغنم العسكر النبوي من أموالهم وأسلحتهم شيئاً عظيماً، وقال أصحاب المؤيد بالله #: يوم بيوم، وأظهره الله على عدوه، وتلك عادته لأوليائه أن يجعل العاقبة لهم.
  ولما تظاهرت الملوك على حربه مع خوفهم من جانبه # وبذل الأموال العظيمة على صلحه وقال له أصحابه ومن يعتمد بقوله: إنك قد كبرت وضعفت وهؤلاء السلاطين يبذلون الأموال على صلحك فاقبل ذلك. فقال: لا أقبل ذلك، ولا أزال لهم حرباً حتى ألقى الله سبحانه وتعالى وقد أعذرت في أمرهم.
  فأما عدله وحسن سيرته في العباد والبلاد فيغني ظهوره عند من يعتني بتعرف شأن القائمين من أهل البيت $ وغيرهم عن شرحه ولو شرحناه لطال به الكتاب، ولم يزل ذلك دأبه حتى مضى لحال سبيله - سلام الله عليه - وقد شكر الله سعيه ورضي عمله.