[ذكر أيام المقتدي بأمر الله العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  فأي الإمامين ترى يا فقيه الخارقة حلقتك الحالقة أولى بأمر أمة محمد ÷؟! أَمَنْ هذه صفته؟ أم المسمى بالقائم بالله؟ وهو العاجز على الحقيقة الذي لم يشغل نفسه بغير اللهو واللعب والفسق والطرب، ولم ينفذ له أمر بمراده خلف باب داره، ولا أنكر منكراً من نفسه ولا من غيره، ولا أقام لله سبحانه حجة ولا أثر عنه علم ولا هداية؛ إنما همه المفاضلة بين الأصوات والألحان، واختيار الأوتار والعيدان، والمغالاة في أثمان القينات؛ فهل مَنْ هذه صفته يقال له خليفة الرحمن؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون لقد دُخل اليقين وقل المتقون، فعُزِلَ المؤمن الأمين، وولي الفاسق الظنين، وشهدت علماء السوء بشهادة الزور فقامت سوق العدوان بشهادتهم وهلك الحرث والنسل بعنايتهم فلا يبعد الله غيرهم.
[ذكر أيام المقتدي بأمر الله العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  ولما توفي الملقب بالقائم بأمر الله في اليوم التاسع والعشرين من شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة قام بالأمر الملقب بالمقتدي بأمر الله، وهو: أبو القاسم عبدالله بن محمد الذخيرة، وبويع له في شهر رمضان سنة سبع وستين وأربعمائة.
  وكان مشتغلاً باللهو، مهملاً للأمور، مُسْتَضْعَفاً في الخاصة والعامة، وفي أيامه غلبت الباطنية على الحرمين الشريفين والشام وبعض العراق، وكان خاصته ومحل أسراره ابن الموصلي النصراني وكاتبه ابن المعوج النصراني.
  فأما رسوم الدين وأحكام الشرع فلم يبق لهم بها اعتناء، ولا إليها تفرغ، لتناهي اشتغالهم باستعمال اللذات ونيل الشهوات وارتكاب المحرمات وترجيع النغمات.
[الإمام الناطق بالحق أبو طالب يحيى بن الحسين (ع)]
  فهل يقاس هذا بالإمام الناطق بالحق: أبي طالب يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب $ فإنه لما توفي المؤيد بالله قام ودعا إلى دين الله، وأجابه الفضلاء والعلماء بسهول البلاد الجيلية والديلمية وجبالها، وانتشرت بيعته في الآفاق.