[ذكر أيام المستضيء العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  أزلن المنايا يوم غودر ثاوياً ... به لبني الزهراء طوداً ممنعا
  لقد عاش محموداً كريماً فعاله ... ومات شهيداً يوم ولىَّ وودعا
  وقد ثلم الموت العلاء بموته ... وأوهن ركن المجد حتى تضعضعا
  فلا حملت من بعد ليلى عقيلة ... ولا أرضعت أم مدى الدهر مرضعا
  أبا جعفر إن تمس رهن حفيرة ... فإن المنايا غلن كسرى وتبعا
  تنكرت الدنيا لفَقْدك للورى ... وأصبحت الهلاك بعدك جوعا
  وأظلمت الدنيا وراح نعيمها ... وأصبح أنف المجد بعدك أجدعا
  وأقسمت لا أنساك ما ذر شارق ... وغرد قمري ضحياً فرجعا
  وأصبحت لا أخشى بوادر فادح ... من الرزء أن ألقى له متوجعا
  فلا زال منهل من الدلو باكر ... يجاور مثوى منك صيفاً ومربعا
  نعود إلى ما كنا بصدده:
[ذكر أيام المستضيء العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  لما توفي المستنجد يوم السبت ثامن شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمسمائة بويع لولده الملقب بالمستضيء وهو: أبو محمد الحسن بن يوسف.
  ولم يدع طريقة من طرائق من سبقه في فعل المعاصي وارتكاب المنكرات والملاهي والشهوات إلا سلكها، إلا أن أيامه قصرت؛ لأن إقامته في دعوى الخلافة أربع سنين.
  وحكى لي من أثق به عن رجل يرتضيه أن ولده هذا القاعد اليوم على سرير الملك ببغداد الملقب بالناصر أوقد عليه الحمام حتى قتله فيه، وشهد بصحة ذلك تحريمه البيع والشراء بكل دينار أو درهم فيه اسم أبيه وعاقب في ذلك.
  ومهما أمكن إنكار الأول بالمدافعة فلم يمكن إنكار تحريمه البيع والشراء