كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الإمام المتوكل على الرحمن أحمد بن سليمان (ع)]

صفحة 804 - الجزء 1

  وقد روى قيس بن موسى أن الإمام # لما كان ببلاد بني بحر في وقت مطر شديد خرج الإمام وقت صلاة الفجر يطلب الماء فتعذر عليه من الماء ما تطيب به نفسه؛ فطلب التيمم بالتراب فتعذر للثق الأرض بالمطر.

  فقعد في موضع يفكر كيف يصنع في الصلاة؛ فالتفت عن يمينه فوجد تراباً جافاً مكثوباً من غير جنس تراب البلد وتحته النَّدى فدعا أصحابه فجاؤاه وتيمّم وتيمّموا وصلى بهم، وعرف أهل البلد القصة فابتنوا على موضع التراب مسجداً وهو باق إلى الآن.

  وحكى الشيخ الأجل محيي الدين عمدة الموحدين محمد بن أحمد بن الوليد - أيده الله تعالى - أنه سمع قصة التراب من لسان الإمام المتوكل على الله ø.

  وذكر الشيخ العالم سليمان بن يحيى الثقفي وإن كانت هذه الرواية مشهورة سمعناها من غير واحد أنه لما توجه يريد إلى بلاد مدحج من طريق الغائط على مدينة براقش، ومعه دليل من خولان العالية ففاته أول الناس.

  وهي بلاد بهماء طامسة الأعلام، كثيرة الحر والسموم، فلحق بالإمام وقال: إن الناس قد ضلوا الطريق وتوجهوا إلى مكان يقال له مجزر لا ماء فيه والناس يتلفون من العطش.

  فأمر الإمام من يردهم فلم يتأت ذلك فسار في أثرهم حتى لحق آخرهم أولهم بوادي مجزر وطلبوا الماء فلم يجدوه فحطوا رحالهم هنالك وصلوا صلاة الظهر والعصر بالتيمم؛ فبلغ الناس الجهد من العطش وصاروا يتصايحون ويقول أحدهم: من يسقيني ماء بقوسي، ومنهم من يقول: بثوبي.

  فلما رأى الإمام ذلك قام إلى الوادي فعلّم فيه ثلاثة مواضع، وقال: احفروا فحفروا موضعين فلحقوا الماء على قامة وبسطة؛ فشرب الناس كلهم وسقوا بهائمهم وملأوا مزاودهم وجميع أسقيتهم وطهروا واستفاضوا، وأمسوا إلى الصبح ثم طهروا وصلوا صلاة الفجر.