[الإمام المتوكل على الرحمن أحمد بن سليمان (ع)]
  فلما فصلوا من الماء وصاروا في بعض الطريق رجع منهم قوم لشيء نسوه من أدواتهم فأتوا وليس للماء أثر ولا بقي منه شيء، فلحقوا الناس وأعلموهم - وكانوا من أهل الصدق والثقة والدين - فعجب الناس من كلامهم وزادهم ذلك يقيناً في إمامته #.
  ولما وصل إلى غيمان من بلاد الأبناء ومخلاف صنعاء وأقبل إليهم بنو شهاب وفيهم أسعد بن عطوة وله فرس عنده عزيزة فمرضت وكادت تتلف وصارت ملقاة على شقها تجود بنفسها، فقرب # إليها ونفث عليها ودعا الله سبحانه وتعالى أن يزيل ما نزل بها؛ فقامت من ساعتها كأنها لم يكن بها بأس فقادوها إلى صاحبها ما بها ريب، فطرح عليها السرج والتجفاف وركبها؛ فازداد المؤمنون يقيناً.
  ولما كان في بيت بوس وصلى صلاة الجمعة في مسجد بيت بوس، فلما فرغ من الصلاة والناس يزدحمون إليه وينظرون إليه ويسمعون مواعظه وكلامه وفوائده فدخل عليه شيخ كبير يقوده أولاده فسلم وقرب من الإمام # فشكى عليه الصمم في أذنيه؛ فنفث في أذنيه ودعا له، ثم قام هو وأولاده إلى ناحية من جوانب المسجد وإذا به يشهد ويكبر. فقالوا: ما لك؟ قال: إني سمعت في أذني أنقاضاً كأنقاض الوضف فإذا أنا أسمع ما يقال ويحدث به؛ فجاءوا به فحادثوه وكلموه فحدثهم وأجابهم عن كل ما سألوه، وإذا به قد صار سميعاً بصيراً بعد أن شهد أولاده أنه كان لا يسمع الجباجب والأصوات العالية؛ فعجب الناس لذلك عجباً شديداً، وزادهم إيماناً وتثبيتاً.
  ثم أتى إليه رجل أعمى يقال له: جابر البصير، فسلم وجلس بين يديه وهو يريد أن يسأله هبة جربة وصية في بلده، وظن الإمام أنه أتاه لأن يمسح على عينيه؛ فلما قرب إلى الإمام - عليه الصلاة والسلام - مسح على عينيه ودعا الله تعالى، فرد الله في عينيه البصر فنظره ونظر من حوله، وقال: إني لم آتك لهذا فعادت الظلمة في بصره كما كانت.