كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام فقيه الخارقة حول السنة والجماعة والجبرية وبقية المفاهيم والرد عليه]

صفحة 33 - الجزء 2

  الدار داره والملك ملكه؛ فمن شاء أدخله الجنة خالداً فيها، ولو كان إبليس اللعين ومن شابهه من الشياطين والكافرين، وحسن ذلك، ومن شاء أدخله النار، ولو كان من الملائكة المقربين والأنبياء والصالحين، وحسن ذلك في حكمته - فهو قول باطل، فكيف يعيب على صاحبه ولم يقل إلا بمثل مذهبه؟

  وأما قوله: «وأن الإنسان لا قدرة له ولا اختيار بل جميع حركاته اضطرار، وأن جميع الأفعال الصادرة عنه فعل الله ø، وأنه لا فعل له في سكونه وحركته».

  فالكلام عليه: مثل ما تقدم أنه إن قال: إن للعبد فعلاً وإنه مختار له يمكن أن يفعله وأن لا يفعله، وإن قدرته غير موجبة له، وإنها صالحة للفعل وضده، وإنها متقدمة للفعل - فهو قول صحيح، ورجوع عن المذاهب المخالفة الباطلة.

  وإن اعتقد أن الله تعالى خالق لجميع الأفعال لا فاعل لها غيره، ولا قادر عليها سواه - فهو قول باطل، وكيف يعيب صاحبه متى قال بما قال به واستن بطريقته؟!

  وأما قوله: «وخذل القدرية فاعتقدوا أنهم مشاركو الله في مملكته ومساهموه في جبروته وعزته».

  فالكلام عليه: أنه رمى أهل التوحيد والعدل بدائه وهو كونهم قدرية، وهم بذلك أحق وأجدر بما قدمنا من الأدلة التي لا محيص لهم عنها.

  وأما قوله: «إنهم اعتقدوا مشاركة الله في مملكته».

  فالجواب عنه: أنه إن حكى ذلك عنهم فهو كذب محض؛ وإن ألزمهم ما قال من الشرك لأجل قولهم: إن العبد فاعل لفعله، فقد ذم قبل هذا من أضاف أفعال العباد إلى الله تعالى وذلك يقتضي إضافتها إليهم، أو يكون حدثاً لا محدث له فيدخل حينئذ فيما ألزمه من المشاركة لله تعالى في مملكته، والمشاركة إضافة الفعل الواحد إلى فاعلين، وهذا قول القدرية الجبرية.