[ظهور الردة]
  الأسود العنسي، وقد وصل أوائل خيله حلى كنانة، وانتشر أمره في اليمن كالنار في الحطب.
  فأي وقت قتال ترى أيها الفقيه على الإمامة؟! وهي خصلة من خصال الإيمان، وقد جاشت هذه البحار الطامية تريد اقتلاع الإسلام من قواعده، واستئصال شافته وقلع جرثومته، لو كان علي # في مثل عدة أصحاب أبي بكر ولكن قد جاش من الكفر ما جاش لما حسن منه النزاع المؤدي إلى ضياع الإسلام برمته، وهو # أولى بحفظ الإسلام من أبي بكر وغيره، وقد تقرر بالدليل أنه يجوز للمسلم الإمساك عن النهي عن المنكر إن خشي أن المنهي يرتكب أكبر من ذلك، أو كان النهي عن ذلك يؤدي إلى فساد في الدين عظيم.
  ولا شك أن علياً # مع علمه أن تقدمهم عليه قبيح خشي الوقوع في أقبح من ذلك من هلاك الدين فأمسك #؛ لأنهم لو اشتغلوا بالحرب في ذات بينهم على الإمامة هلكت النبوءة والحرث والنسل، فافهم ذلك إن كنت ممن يفهم.
  وأما إقرار علي # لأحكامه فلا خلاف في إصابة الصحابة ¤ في الفتاوى والأحكام وليس الفتاوى والقضايا من الإمامة في شيء.
  وأما قوله: وأخذ من فَيِّهِ سهامه، فما يمنعه من أخذ حقه مما أفاء الله على المسلمين، وهو الإمام بنص الرسول ÷ كما نبينه، ولا يحتاج في صحة الإمامة إلى إنفاذ الأحكام والتصرف؛ لأنه منصوص عليه.
  وأما قيامه معه على من خالفه؛ فذلك فرض الله؛ لأنه حارب أهل الردة وهم كفار، والقيام واجب على الكافة، وإن كان # يقوم بما فرض الله بنفسه عن نفسه، ومن كان يعتقد إمامته كان تصرفه عن أمره.
  وأما قوله: «هذا هو الرضا لا ما يقول المبتدع الكذاب» فهو أجمل من قول أشباهه في أبينا رسول الله ÷؛ لأنهم قالوا: ساحر كذاب، وصاحب الخارقة قال: مبتدع كذاب، وهو من الذين قال الله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ